رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

«بيع يا عواد.. بس قبل ما تفرق الفلوس، لف العالم كله وحاول تشترى وطن مش هتلاقى»، هكذا قال الفنان القدير عبدالمنعم مدبولى رحمه الله فى فيلم عايز حقى.

الفيلم مصرى - كوميدى من إنتاج عام 2003 بطولة هانى رمزى وهند صبرى وعصام كاريكا وحجاج عبدالعظيم ولطفى لبيب. ويتحدث عن قضية بيع القطاع العام ويدعم الحفاظ على البلد وعدم التفكير فى ذلك.

يقرأ السائق صابر الطيب نص المادة الدستورية التى تقر بأن من حق كل مواطن جزء من الملكية العامة، فيرفع قضية مطالبا بحقه فى المال العام، وأن يحصل على شقة ويتزوج فيها، ينتشر الأمر، ويبدأ الجميع بالمطالبة ببيع الوطن، مرسلين له توكيلات بأحقيته فى بيع حقهم فى الوطن!

قصة الفيلم فريدة، رغم اعتمادها بشكل رئيسى عن الكوميديا، إلا أنها كانت تحمل فى طياتها رسالة للمواطن المصرى وتلقنه درسا فى التمسك بالوطن والحفاظ على هويته التى يصعب تعويضها بالأموال.

صابر الطيب مثل أى شاب مقبل على الزواج، كان يريد إتمام زواجه من «وفاء»، والتى تم خطبتها له لمدة ست سنوات ولا يستطيع ادخار الأموال اللازمة للحصول على شقة الزوجية فيقرر الحصول على حقه فى الناتج القومى طبقاً للمادة.

وقام بعمل حملة تنادى ببيع الوطن، وبالفعل استجاب له بعض المواطنين بعمل توكيلات لبيع حقهم فى الوطن مقابل الأموال، وتتهافت عليه العروض من المؤسسات العالمية لشراء حقوق المصريين فى وطنهم. ومن بين هذه المؤسسات إحدى المحطات الفضائية التى عرضت على صابر تفويضه لها بمتابعة القضية وأرسلت طلبها مع مندوبتها «سميرة» التى ذهبت إليه فى حارته البسيطة بواسطة سيارتها الفارهة التى تعبر عن حجم المؤسسة التابعة لها لترغيب صابر بعرضها.

كانت السيارة من إنتاج شركة صناعة السيارات الأمريكية العريقة كاديلاك، التى تأسست فى العام 1902 وتعد من أقدم وأعرق شركات صناعة السيارات فى العالم، وسميت بهذا الاسم تيمنا بمستكشف القرن السابع عشر لولاية ديترويت الأمريكية.

بعد قيام صابر وفريق عمله بعمل الدعاية لبيع الوطن، ومنها «كدة ميت لون وكده ميت لون الكل هيربح المليون»، اكتشف أن الصهاينة هم الذين تقدموا للشراء بأى ثمن، فاق صابر ورفض عملية البيع، خاصة بعد لقائه مع «مدبولى» الذى فقد ابنه فى الحرب، وحذره من البيع، وقال له مش هتلاقى وطن آخر إذا بعت وطنك!! تغير موقف صابر وفريقه، هتفوا جميعا فى وجه الصهاينة: «مش هنبيع وحقى فى بلدى مش هيضيع».

الفيلم كان ضد بيع القطاع العام فيما يعرف بالخصخصة فى ذلك الوقت، وتم حذف هذه المادة من الدستور فى التعديل اللاحق للفيلم، وهى المادة 25 وتنص على «لكل مواطن نصيب فى الناتج القومى يحدده القانون بمراعاة عمله أو ملكيته غير المستغلة»، كما ألغيت مواد أخرى مرتبطة بها.

ويعتبر دستور 1971 هو أول دستور بعد ثورة 1952، تم إقراره فى عهد الرئيس أنور السادات بعد استفتاء شعبى فى 11 سبتمبر 1971 وسمى بـ«دستور مصر الدائم»، وتم تعديله ثلاث مرات خلال 40 عاما، وتم تعطيله من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 13 فبراير 2011 بعد قيام ثورة 25 يناير وتنحى الرئيس مبارك فى 11 فبراير 2011.

فيلم «عايز حقى» قصة غنية تتحدث عن أهمية الوطن، وأنه لا يقدر بمال، ولا توجد قيمة للإنسان دون وطن، كما يقول الشاعر محمود درويش.

«لعلكم أحياء لعلكم أموات لعلكم مثلى بلا عنوان، ما قيمة الإنسان بلا وطن بلا علم ودونما عنوان».

فالوطن هو رمز الهوية والانتماء والعزة والفخر والكرامة.

الوطن هو قطعة من الوجدان والروح تمنح الإنسان الأمان والطمأنينة، وهو الذى يمثل الهوية التى لا يمكن التخلى عنها، وهو الأرض التى ننتمى إليها.

لن تستطيع قوة فى الأرض أن تزرع الفتنة بين المصريين وبين الوطن لأننا نختلف عليه ولا نختلف معه، ولا نقدره بثمن، كما قدرته العصابة الإرهابية بأنه حفنة تراب!! ورحم الله الكاتب الكبير جلال عامر صاحب عبارة: «لا تقف مع ميليشيا ضد وطنك حتى ولو كان الوطن مجرد مكان تنام على أرضه ليلا».