رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى مثل تلك الأيام من العام الماضى رحل الإنسان الرائع والجميل.. انه الشاعر والمترجم والمفكر..مجاهد عبد المنعم مجاهد. لهذا الرجل أهمية كبرى فى حياتى.. وقد أقول إنه شكل حياتى منذ البداية وأنا طالب فى كلية الآداب جامعة المنيا قسم الفلسفة.. هو أول من رأى في بعض السمات والخصال والتى ربما أجهلها عن نفسى.. لقد شجعنى كثيرا أن أهتم بالدراسة الفلسفية وخاصة الفلسفة المعاصرة.. وموضوعات كثيرة كان يطرحها من أهمها موضوع الاغتراب، الانتظار، والآخر، والسام، الخ.. إلى جانب موضوعات علم الجمال من اليونان إلى الوقت المعاصر.. وعن طريقه سمعت آنذاك عن سارتر وكامى وهيجل، وكافكا، وسيمون ديبوفوار.. لقد درس لنا فيما أذكر وأنا فى الفرقة الثالثة والرابعة. وعرفت أنه مترجم معروف وله العديد من المترجمات فى عالم الفلسفة.. وشاعر متميز رقيق. الأمر الغريب أن مجاهد عبد المنعم استطاع أن يمحو الكثير من الأسماء التى كانت تدرس لنا رغم وضعهم بجانب الاسم أ.د، لكن مجاهد كان له قوة تأثير قوية لدرجة كنا نتعلق بمحاضراته جدا، بل إننى ازعم أنها كانت من أهم المحاضرات على الإطلاق. وفى ظنى لولا هو لما سرت الطريق ولما درست قضية الاغتراب عند هيجل. فهو الذى أشار لى بذلك.. كنت أذهب إليه فى منزله فى المقطم منذ أن تخرجت من الكلية وظللت اذهب إليه أنا وصديق العمر د. حسن حماد.. لعل أهم ما كان يميز مجاهد عبد المنعم هو القدرة الكبيرة أن يزيل من داخلك كل مشاعر الإحباط والانكسار.. فى أحيان كثيرة كنت اذهب إليه وأنا فى حالة من الإحباط وتمتلئ نفسى بالكثير من الضيق والسأم من كل شيء، وأقول له لن أكمل الطريق ولن أنهى الماجستير.. فأجده يحفزنى ويدفعنى ويعطينى جرعة أمل تجعلنى أنزل ولدى عزيمة على مقاومة كل نواحى الإحباط وكل نواحى السلبية. حدثت تلك الأمور كثيرا سواء وأنا فى الماجستير أو الدكتوراه. ومثل تلك الشخصيات قل أو ندر أن تجدها فى الحياة، لذلك كان نزولى إلى القاهرة هدفه الأساسى هو مقابلة الأستاذ مجاهد. شخصيات قادرة أن تدفعك للأمام وتجعلك تتغلب على كل الصعاب وتجعلك ترى ما هو إيجابى وما هو مشرق.. هو شخصية فاعلة فى المحيطين به، وهذا يندر أن تجده الآن.

ومع مضي العمر نجد أنفسنا نقف لكى نتأمل الرحلة والعلامات المميزة والراسخة والتى من المستحيل أن ننساها. وأما عن كتب مجاهد تظل شاهدًا حيًا على كل لحظات الماضى التى مررنا بها معه.

يرحل الإنسان، لكن الذى يبقى هو ما قد فعل وثماره التى غرسها عبر رحلته فى الحياة. مجاهد عبد المنعم كان له فضل كبير على الكثيرين.. وبعد الرحيل ما زلت أتذكر ما كان فى ذلك الزمان؛ لكى أقف متأملا رحلة الحياة وكيف كان فيها أسماء مستحيل أن تتوارى من النفس والذاكرة. رحم الله مجاهد عبد المنعم مجاهد.

--

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون