صفحات من تاريخ الوطن (٢٩)
فى السابعة والنصف من صباح يوم الثانى والعشرين من مارس 1948 شهدت ضاحية حلوان بمدينة القاهرة جريمة مروعة تقشعر لها الأبدان، وهى اغتيال المستشار أحمد الخازندار، رئيس محكمة جنايات مصر، قبيل ركوبه القطار متجهاً إلى مقر عمله بوسط القاهرة، وذلك على يد اثنين من أعضاء التنظيم الخاص لجماعة الإخوان المسلمين وهما محمود زينهم وحسن عبدالحافظ، واللذان حُكم عليهما بالسجن المؤبد فى الثانى والعشرين من نوفمبر 1948.
يعتبر اغتيال القاضى الخازندار الحادثة الأولى من نوعها، والتى يتعرض فيها عضو هيئة قضائية للاغتيال، فقد كان الخازندار ينظر عدداً من القضايا التى قام فيها الإخوان بارتكاب أعمال عنف وتفجير، والتى من أشهرها القضية التى عرفت إعلامياً باسم «قنابل الإسكندرية» التى حكم فيها بالسجن على عدد من أفراد الجماعة.
يطالعنا الأخ عبدالمتعال الجابرى، أحد قادة تنظيم الإخوان وأحد مؤرخيها فى كتابه: «لماذا اغتيل حسن البنا»، ص 88: «ويبرر الإخوان ارتكاب هذه الجريمة بالأحكام القاسية، التى حكم بها القاضى الخازندار على الشباب الذى ألقى القنابل على المعسكرات البريطانية فى الإسكندرية ليلة عيد الميلاد، فقد حكم عليهم بالسجن عشر سنوات بينما حكم على سفاح الإسكندرية، الذى قتل عدداً من المصريين بالحبس مدة أقل من ذلك، ثم نقل بعد ذلك القاضى الخازندار إلى القاهرة لمحاكمة الشباب الذى قذف القنابل على جنود بريطانيا الذين يحتفلون فى البارات وشوارع القاهرة ليلة عيد الميلاد، فقد حكم على حسين عبدالسميع بالحبس ثلاث سنوات، وعلى عبدالمنعم عبدالعال بالسجن خمس سنوات».
وخوفاً من أن تتكرر مثل هذه الأحكام قتل الإخوان القاضى الخازندار إرهابا لمن يجعل كرسى القضاء حصن حماية الاحتلال.
والسؤال الذى يطرح نفسه علينا الآن هل كان المرشد حسن البنا يعلم بأن القاضى الخازندار سيتم تصفيته؟؟؟
فى حقيقة الأمر تم طرح هذا السؤال مرارا وتكرارا دون أن يجد إجابة محددة وقاطعة، فقد أكد الأخ المرشد فى مذكراته أن هذه الجريمة قد تم ارتكابها دون علمه وبغير إذنه، وأنة قد فوجئ بها، وأن خبرها وقع عليه وعلى الإخوان وقع الصاعقة، بينما الكثير من قادة الجماعة وقادة التنظيم السرى يؤكدون أن الرجل –حسن البنا– كان يعلم بتفاصيل العملية بل إنه هو الذى أفتى بقتل القاضى الخازندار.
وهنا وحتى لا يتهمنى أحد بالمبالغة والتحيز، سأترك الحديث كاملاً من الألف إلى الياء لبعض قادة التنظيم الخاص، وآخرين ممن عاصروا عملية الاغتيال لكى يحدثونا بأنفسهم عن تفاصيل اغتيال القاضى الخازندار.
إذ يحدثنا الأخ صلاح شادى، أحد قادة التنظيم السرى ومسئول أحد الأجهزة السرية التى أسسها حسن البنا «قسم الوحدات» فى كتابه «حصاد العمر» ص 92: «أن المرشد البنا قد غضب غضباً شديداً وأسف لهذه الأحكام قائلاً بالحرف الواحد إن القاضى الخازندار يستاهل القتل».
ويلتقط طرف الحديث من صلاح شادى الاستاذ محسن محمد فيحدثنا فى كتابه «مَن قتل حسن البنا؟» ص381: «أن فهمى أبوغدير المحامى وعضو التنظيم الخاص وأحد المقربين جداً من الاستاذ حسن البنا قال له إن مجلس إدارة التنظيم وافق على تصفية القاضى أحمد الخازندار، فسأله محسن محمد وما موقف الإمام المرشد من ذلك؟؟ فقال إن الإمام حسن البنا بعد صدور الأحكام العنيفة ضد شباب الإخوان قال للسندى «خلصونا من الراجل ده».
وبالفعل اعتبر –السندى– عبارة المرشد البنا إذناً بقتل القاضى الخازندار.
بعد مقتل القاضى الخازندار، واجهت الجماعة حملة من الهجوم ضدها، فرسمت صحافة الأحزاب كاريكاتيراً ظهر فيه المرشد حسن البنا يلعب بالسكاكين والمسدسات.
وقد استمر هذا ولفترة طويلة مدعاة للهجوم على الإخوان المسلمين واتهامهم بالعنف والإرهاب.. ففى جريدة «الأخبار المصرية» الصادرة يوم 9/ 4/1986 كتب نجل الفقيد الوزير المفوض محمد أحمد الخازندار/ نائب مدير الإدارة الأفريقية بوزارة الخارجية يقول: «إن هذا الاغتيال تم بيد اثنين من أعضاء التنظيم الخاص للإخوان المسلمين» الفئة المتعصبة «الخارجة عن خط الدين الإسلامى الصحيح».
كل هذا والمرشد البنا يقسم ليلاً ونهاراً أنه لا علاقة له بمقتل القاضى الخازندار!!
< هل="" عرفتم="" الآن="" مَن="" أفتى="" بقتل="" القاضى="">
< هل="" عرفتم="" الآن="" أن="" الإخوان="" وقادتهم="" ذئاب="" فى="" الخفاء="" ونعام="" فى="">
< هل="" عرفتم="" الآن="" كيف="" عاث="" تنظيم="" الإخوان="" الإرهابى="" فى="" مصر="">
وللحديث بقية..
عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن حزب التجمع.
وأستمر فى حديثى عن تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية..