رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

تلك هى الأيام.. لقاء وفراق..مهما طالت الأيام والسنون، فإن لحظة الفراق واللا تلاقى حتمية الحدوث، ويقينية الصدق، تلك هى الحياة بحقيقتها الراسخة.. أتحدث هنا عن فراق لا رجعة فيه.. فماذا تملك إزاء هذا اليقين؟ لا يوجد إلا الصمت الكثيف القادر عبر طياته الصلدة أن يجعل الصدى يرتد إليك لتعيش عبر أجوائه القاسية ذلك الألم الشجى..اكتب ذلك بسبب رحيل زميل وصديق عزيز هو الأستاذ الدكتور زين نصار.. أستاذ النقد الموسيقى بمعهد النقد الفنى بأكاديمية الفنون.. هو علامة مميزة فى مجال النقد الموسيقى..التقيت بالدكتور زين نصار مع تعيينى فى منتصف تسعينيات القرن الماضى فى معهد النقد الفنى. وهو من الشخصيات المتمكنة فى تخصصه بشكل رائع ومتميز.. يتسم بالهدوء والتواضع إلى جانب أنه شخصية مسالمة.. لا يعادى أحداً، ولا يدخل فى معارك أو تطاحن مع أى شخص..يؤدى عمله بإخلاص وإتقان.. لذلك نجد الكثير من الناس فى محبة مخلصة له. وبالغوص فى شخصية زين نصار تكتشف أن له خاصية ندر أو يصعب أن يرصدها العابر أو المتلقى السطحى.. فهى تحتاج لقدر كبير من التركيز والانتباه والالتفات سواء إلى الطريقة أوالموضوع.. هو يتسم بخاصة (الحكائية) يذكرنى فى ذلك بالأديب الجميل الحكائى (خيرى شلبي)..لديه قدرة على الحكى والسرد وذكر التفاصيل عن الموقف بكل أبعاده لدرجة أنك تتأمل الأحداث أمام عينيك وتتخيلها.. يذكر لك المواقف والحكايات ويجعلك تركز معه وتستمع إليه بشغف ودون ملل.. تحب أن تسمع إليه فى حكاياته وقصصه وذكرياته.. التقيت به فى الإعداد لامتحانات الترم الماضى.. وجلسنا وسمعت منه حكايات.. عن كمال الطويل وكيف لحن أغنية عبدالحليم حافظ (بالأحضان).. قال إن أحد المسئولين بالإعلام قرر عدم مغادرة كمال الطويل للبلاد.. أى يمنع من السفر.. وذهب كمال الطويل وهو فى غاية الغضب لذلك المسئول، لكى يعرف سبب منعه من السفر.. فقال له إننا نستعد لاحتفالات ذكرى الثورة ولابد أن تكون لك مشاركة بأحد الأعمال فى هذا الاحتفال.. لكن كمال الطويل قال له إننى غير قادر على فعل أى شئ لأننى فى مزاج نفسى غير جيد.. فقال له أنت حر ولكن الأوامر عندى إنك ممنوع من السفر.. تركه كمال الطويل وهو فى منتهى الضيق واعتكف فترة ثلاثة أيام.. وخرج بلحن بالأحضان..كلمات صلاح جاهين وغناء عبدالحليم حافظ.. والتقى به ذلك المسئول الذى منعه من السفر.. فقال له أنت مزاجك مش مظبوط وأخرجت لنا هذا الإبداع الرائع، طيب لو مزاجك مضبط كنت هتعمل إيه؟! أنت حر عاوز تسافر براحتك.. سمعت منه تلك الحكاية وفكرت فى تلك اللحظة أن أجلس معه ويحكى لى عن تلك الذكريات..لكى أسجلها وكى أكتبها.. تلك كانت أمنيتى، وقلت لنفسى سألتقى به مع بداية الدراسة وأحدد معه الموعد وأسمع..كانت أمنيتى أن أسجل تلك الذكريات لأكتبها، لكن ليس كل ما يتمنى المرء يلقاه..رحل زين نصار وقبرت الأمنية. وأكتب الآن عنه ما لم أكن أتصور أن أكتبه. وداعاً زين نصار.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون