رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هوامش

ربما لم يسمع كثيرون عن معهد تيودور بلهارس، وربما لا يعرف من سمعوا عنه أنه مستشفى يؤدى دوره ضمن قطاعات الصحة الحكومية، فهو يتبع وزارة التعليم العالى باعتباره مركزاً بحثياً من أهم وأعرق المراكز البحثية.

اسم المعهد قد يدل على مهامه الأساسية، وهذا صحيح إلى حد كبير، فقد قاد عمليات مكافحة ومواجهة البلهارسيا حتى تم القضاء عليها، ولكن وظيفته الحقيقية أشمل، فهو أحد المعاهد البحثية العلمية المتميزة والرائدة فى مجال تشخيص وعلاج الأمراض المتوطنة التى تصيب الجهاز الهضمى والكبد والكلى والجهاز البولى.

أنا شخصياً لم أدخل هذا المعهد، أو المستشفى من قبل، ولا أعرف كيف يدار ولا إمكانياته، حتى قصدنى أحد معارفى منذ أيام لأبحث له عن واسطة بالمعهد لأنه يعانى من حصوة بالمثانة وأخرى بالكلى، وتردد على المعهد عدة مرات، وتم توقيع الكشف الطبى عليه، ووعدوه بالاتصال به خلال أسبوعين، ومرت الأيام ولم يتصل به أحد، ومن شدة الألم توجه مرة أخرى للمعهد، فأخبروه بأن دوره لم يأتِ، وعليه الانتظار، ولأنه لا يملك ثمن إجراء عملية إزالة أو تفتيت الحصوات فى أى مكان، فما عليه سوى الانتظار، ثم راح يبحث عن واسطة كغيره من البسطاء الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المستشفيات الخاصة.

تحركت سريعاً خاصة بعد أن علمت أنه يتألم، وأكد لى صوته عبر الهاتف أنه يعانى من شدة الألم، حصلت على تليفون الدكتورة حنان خفاجى، مديرة المعهد، وشرحت لها الحالة، والحقيقة أنها ردت باهتمام وطلبت منى إرسال بيانات الحالة عبر الواتس آب على وعد بإيجاد حل سريع للحالة.

ونظراً لإلحاح المريض ومعاناته مع الحصوة، اضطررت للاتصال بالمديرة مرة أخرى لأعرف ماذا فعلت للمريض، وهل اقترب ميعاد عملية الإزالة أو التفتيت، وكانت مفاجأة عندما أخبرتنى بأن جهاز التفتيت عطلان، وإما أن ينتظر حتى يتم تصليح الجهاز أو يتوجه إلى أى مكان آخر.

وقع رد المديرة علىَّ كالصاعقة، كيف لمعهد أو مستشفى بهذا الحجم وهذه الأهمية أن يتعطل فيه جهاز كل هذا الوقت ولا يتم إصلاحه سريعاً؟، وهل معهد كهذا لا يملك إلا جهازاً واحداً ويتوقف عن أداء دوره لمجرد عطل فى جهاز؟ إنها مهزلة تعكس كيف تدار المنشآت الصحية الحكومية فى مصر.

إن تاريخ هذا الصرح الطبى مشرف وعظيم، ولكن حاضره يدعو للحزن، فقد أنشئ المعهد بموجب اتفاقية مبرمة بين جمهورية ألمانيا الاتحادية والحكومة المصرية عام 1964، وصدر القرار الجمهورى رقم 58 لسنة 1983 بإنشاء المعهد، وأطلق اسم المعهد نسبة للطبيب الألمانى «تيودور بلهارس» المكتشف الأول لديدان البلهارسيا أثناء عمله بمدرسة الطب المصرية فى القاهرة عام 1851.

وأصبح مركزاً رائداً فى مجال بحوث وتدريب وعلاج الأمراض المتوطنة فى مصر وأفريقيا.

ويعد معهد تيودور بلهارس للأبحاث أحد أكبر المراكز المتخصصة فى مجال مكافحة البلهارسيا على مستوى الشرق الأوسط، حيث شارك المعهد فى تصميم وتنفيذ المشروع القومى للقضاء على مشكلة البلهارسيا فى مصر. كما وقع الاختيار على المعهد من قبل منظمة الصحة العالمية على مستوى شمال أفريقيا ليشارك فى مبادرة إنشاء شبكة من المراكز البحثية لتحديد الأمراض المتوطنة فى أفريقيا.

لا أكتب هذا المقال من أجل مريض يتألم، فهو فى عناية الرحمن الرحيم، وسيدبر له مكاناً آخر، أو يشفيه بقدرته، ولكننى أقصد صرحاً طبياً عظيماً، ومركزاً بحثياً مهماً يتعرض للانهيار بفعل الإهمال البشرى والبيروقراطية الحكومية، أقصد إثارة قضية صيانة الأجهزة فى المستشفيات الحكومية وإهدار الملايين بسبب عدم الاهتمام بمتابعة دورية لهذه الأجهزة التى تعد رأسمال هذه الكيانات الصحية.

إنها رسالة تسلط الضوء على صرح يتهاوى، أبعث بها إلى الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، حديث العهد بالمنصب، والذى يتبعه هذا المعهد، ولكل شخص يحب هذا البلد ويسعى للنهوض به، وأطالبهم بضرورة التدخل لإنقاذ هذا الكيان قبل أن يسقط فى دوامة الإهمال.