رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

خلال مراحل العمر توجد محطات أساسية شكلت تكوينه، وأثرت فيه بشكل كبير.. لذلك يقف الإنسان عندها طويلاً متأملاً ومتذكراً تلك الأيام التى مرت سريعاً.. من تلك المحطات أننى فى المنيا أعيش فى منطقة شعبية بسيطة.. وبدأت حياتى الأولى فى التربية والتعليم.. كنت مدرساً للفلسفة وعلم النفس فى المرحلة الثانوية.. بدأنا المشوار من البداية خطوة خطوة، وحققنا بعض الأمانى والأحلام وتكسر البعض منها عبر الرحلة.. وهناك البعض من الناس من لهم مواقف لا تنسى، وعلينا أن نذكرها ونقدرهم عليها. من تلك المواقف التى لا تنسى والتى يجب أن نذكرها أننى فى مهنة التدريس كان اسمى معروفاً إلى حد ما، وكان الطلاب وأولياء أمورهم يحتاجون إلى أن يتواصلوا معى محتاجين لدرس أو امتحانات، ولم يكن لدىَّ فى ذلك الوقت من أوائل ثمانينات القرن الماضى تليفون أرضى وقد قدمت على تركيب التليفون ولكن للأسف يأخذ سنوات طويلة حتى يأتى اسمك، ويتم التركيب فماذا أفعل؟ علاقاتى جيدة إلى حد ما مع الجيران، ومن أفضل الجيران كانت أم جرجس وأم أشرف وأم نرمين وأم هانى.. ولم أشعر لحظة من اللحظات بأى فرق بيننا وبينهم.. ولم أضع فكرة اختلاف الديانة فى الاعتبار نهائياً، كانت العلاقة هى المودة وحسن الجيرة، وزوجتى بارك الله فيها علاقاتها جيدة مع الجيران.. واحتياجى للتليفون كان ضرورياً.. فاستأذنت السيدة أم جرجس أن أعطى الرقم لبعض الناس يطلبوننى عليه. ووافقت بكل أريحية وكرم.. كان أولياء الأمور يطلبوننى على تليفون الست أم جرجس.. وتنادى على أم جرجس (يا أستاذ حسن).. (يا أستاذ حسن).. والبيت أمام البيت، وإذا لم أكن موجوداً فى المنزل فزوجتى تذهب وترد، وعندما آتى أذهب عند أم جرجس وأطلب من طلبنى.. كنت أتصرف كما لو كنت فى بيتى، وظللت على هذا الأمر إلى أن تم تركيب التليفون، وكان تركيب التليفون بمثابة يوم عيد والجيران يباركون للشخص عندما يتم تركيب التليفون. أذكر هذا الموقف لأن مثل تلك المواقف أثرت فى حياتى، وكانت جزءاً مهماً من تاريخى ومن قلة الذوق أن ينسى الإنسان من ساعدوه. فعندما استعرض الزمن وأرجع للوراء أجد أم جرجس وصوتها ينادينى لأرد على التليفون، وكنت أشعر بالإحراج لكن كم الطيبة والمودة يزيل منك ذلك الإحساس.. ناهيك عن أولادها جرجس ووجيه ورحمة.. كنا نشعر بالألفة والمودة.. وعندما كانت الجماعات الإسلامية تحدث بعض الأفعال ضد الكنائس والمسيحيين كنت على المستوى الشخصى أخشى أن يقصدوا أحد الجيران، لأننى اعتبرهم جزءاً منا وأهلنا.. مع أم جرجس وأم أشرف كانت زوجتى تقوم بعمل جمعيات، وكم كانوا رائعين يأتون بها فى الميعاد، وتشعر بالبركة فيها.. فى أواخر رمضان تبدأ مرحلة عجين الكحك والبسكويت وغيره.. كان الأمر يتم عند أم جرجس وأم أشرف أو تأتيان إلينا ويتم العجين والتسوية، نفس الأمر فى عيدهم.. تلك هى الألفة والمحبة بين الجميع.. ذكريات لا تُنسى، وأظل أتذكرها، وأوجه إليهم التحية والتقدير.

--

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون