حكاوى
الحادث البشع الذى تعرضت له كنيسة «أبوسيفين» بإمبابة وراح ضحيته 41 شهيدًا وعدد من المصابين، كشف عن المعدن الأصيل للشعب المصرى والذى يسجل أغلى ملحمة وقت الشدة، والمعروف أن الأزمات والشدائد هى التى تظهر المعادن وتكشف عن الأصالة من جموع المصريين ولو فتشنا فى تاريخ المصريين، سنجد أن معدن هذا الشعب نفيس وأصيل ويقف يدًا واحدة فى كل الأزمات والمواقف، فمنذ الغزو البشع للهكسوس وجدنا المصريين صفًا واحدًا فى مواجهة هذا العدوان وتجلى ذلك أيضًا فى ثورتى 1919 و30 يونيو، وعندما تتعرض الدولة أو البلاد لأى خطر نجد ملحمة وطنية من المصريين فى هذا الشأن والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى.
فى حادث كنيسة امبابة المؤلم، الذى هز وجدان المصريين نعزى أولاً أنفسنا فى الضحايا الذين قابلوا وجه الله، رحمهم الله وأدخلهم فسيح الجنات وشفا الله المصابين فى هذا الحادث المؤلم، والحقيقة أن عظمة المصريين تجلت فى هذا الأمر بشكل يفوق الخيال، ابتداءً من المساعدات التى تمت مع أجهزة الحماية المدنية لوقف اندلاع النيران إضافة إلى الشهامة التى تجلت فى عمليات الإخلاء ومحاولات الانقاذ التى تمت.. نضيف إلى ذلك أن هذا الحادث المؤلم جعل كل المصريين فى حالة انتفاضة من أجل تقديم العون والمساعدة وبشكل أكثر من رائع، يؤكد عظمة هذا الشعب الأصيل الذى يسجل ملاحم تدرس فى التاريخ.
لن أتحدث عن الجانب الحكومى فى هذا الحادث والذى أدى دورًا مهمًا فقد وجدنا مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية تؤدى دورها لإنقاذ المصابين بشكل يدعو إلى الفخار، ويسبق ذلك الدور المهم الذى قامت به أجهزة الحماية المدنية لوقف اندلاع النيران واخمادها لانقاذ ونجده المواطنين المتواجدين داخل الكنيسة أو فى المبانى الخدمية الملحقة بها، فقد أدت هذه الأجهزة دورها بشكل تسبب فى تقليل الخسائر فى الأرواح والممتلكات.. إضافة إلى أن جميع المسئولين كانوا على قلب رجل واحد وصحيح أن هذا دورهم المنوط بهم، إلا أن الروح التى جمعتهم، تدل على عظمة المصريين فى مثل هذه الأمور والحديث عن دور أجهزة الدولة فى غير محله، لأن هذا واجبهم الذى يجب أن يكون، ولكن الأهم هو عظمة الشعب المصرى الذى تتجلى تصرفاته العظيمة وقت الأزمات والشدائد.
لقد كشف هذا الحادث عن مواقف ايجابية تدعو إلى الفخر والاعتزاز بالانتماء إلى المصريين، فهذا فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لا يكتفى فقط بتقديم واجب العزاء، وإنما يقدم تبرعات مالية إلى أسر الشهداء والمصابين فى هذا الحادث الذى هز وجدان كل المصريين، وهذا يكشف عن دلالة مهمة جدًا وهى أن المصريين نسيج واحد ولا يقدر أحد مهما كان أن يدمر هذا النسيج المصرى الذى لا نجده إلا فى الأرض المصرية.
هذا الحادث الذى اهتزت له البلاد وأكد بما لا يدع أدنى مجال للشك أن المصريين يد واحدة وستظل مصر هكذا حتى نهاية العالم لن ينال منها أحد ولن تؤثر فيها خيانات الخونة هذا الحادث المؤلم على قلوب كل المصريين هو بمثابة درس تتعلمه الدنيا كلها من تصرفات الشعب المصرى العظيم.. والعالم بالفعل الآن يشير إلى تصرفات المصريين الرائعة تجاه هذا الحادث.. رحم الله الشهداء وأدخلهم فسيح الجنات، واللهم أشف المصابين وعافهم فى أبدائهم.