رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

بمناسبة مراجعة ليلة الامتحان انتشر فيديو لمدرس فلسفة يدخل إلى قاعة فى استاد أو نادى رياضى فى احتفال أسطورى فى الجيزة، وهناك مذيع اعتاد على التهليل والصراخ، ويأخذ من القناة بالملايين، الله الواهب! يرى أن هذا المنظر رائع ولابد أن نستفيد من هذا المعلم القادر على جذب كل هؤلاء. وقد وقف الاعلامى العجيب عند الظاهر لكنه لم يتعمق الموضوع، وهذا العدد الغفير من الطلاب، وتلك الآلاف التى تتجه إلى ليلة المراجعة فيها كشف لحقيقة الأمر المزرى الذى وصلنا إليه، فالعملية التعليمية منهارة بكل المقاييس، وأصبح لدي قناعة أن هناك صمتًا تجاه هذا الأمر.

كل تلك الأعداد التى تحضر لهذا الأستاذ أمر مدهش، ماذا يعنى ذلك؟ يعنى عدم القدرة على الاعتماد على الذات، كل تلك الأعداد تحتاج لمن يقدم لها العون ويقدم لها الحل، ويقدم لها كل شيء بشكل جاهز ومعبأ فى أفضل حال. كل تلك الأعداد دليل على أن المجتمع بشكل عام يسير على نفس الشاكلة، كيف لشخص واحد استطاع أن يجمع كل تلك الآلاف ويخضعهم لكل ما يقول، تلك الآلاف تسلم بكل ما يقوله هذا الأستاذ وتأخذ كل ما يقوله وتسلم به وكأنه المنقذ من الضلال، وفيه الشفاء وفيه النجاح والفلاح. مثل هذا الأستاذ يفسر لنا ما يحدث فى هذا المجتمع من الانسياق وراء الكثيرين ممن يجيدون التمثيل والصراخ والهرتلة وتجد الجميع يصدقهم ويسيرون وراءهم بلا عقل،نموذج المدرس يكشف لنا الأمر الردئ الذى نعانى منه فى مجتمعنا،انه غياب العقل والانسياق والانجراف وراء كل من يجيد مداعبة مشاعرنا ويقدم لنا الأوهام. هو دليل حقيقى لسطحية العقل وعدم التفكير وعدم الاعتماد على النفس والقدرة على التفكير بشكل سليم ومنطقي، وأننا نبحث عن الحلول عند الآخرين. ومعناها أن الكل يشعر بالعجز والافتقاد إلى القدرة على الفهم والإدراك.

إن هذا الفيديو برغم الاعتراض والامتعاض منه. إلا أنه يجعلنا ننظر بشكل أكثر روية وإمعانا. إنه إيقاظ لنا من السبات العميق الذى نعيش فيه، إنه يقول للجميع يا عالم فيه مشكلة قى التعليم، فيه مصيبة، فيه كارثة. ولكى لا ننظر بشكل عميق وندرك المأساة، نجد هذا التهليل والترويج لهذا المنظر واعتباره أمرًا مبهرًا ونشكره على كل هذا الطوفان من فقدان العقل العام، أيها السادة، انتبهوا تلك هى الكارثة الشباب الصاعد والذى من المفترض أن يتولى المسئولية، هذا الشباب مسطح أجوف لا عقل له،لا فهم، هو يهرول إلى الذى يقدم له كل شيء على طبق من فضة، كل شيء معلب جاهز، هو غير قادر على التفكير والفهم، أيضا الشباب لديه قناعة بأنه لا فائدة من أى شيء وأن مراحل التعليم الذى يسير فيها مجرد ديكور مفروض عليه أن يدخلها، يا سادة، المأساة اكبر مما نظن، وأعتقد أنه لا أحد يريد أن يفهم ولا أحد يريد أن يستيقظ. ولا أحد يقول لى إن وزير التعليم هو السبب، السبب الحقيقى فى المنظومة العامة للتعليم، ناهيك عن أنك غير جاد فى المواجهة لاعتبارات عدة لا مجال للخوض فيها.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون