رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صفحات من تاريخ الوطن (٢٤)

إن جاز لى التعبير- يصر قليلو البضاعة العلمية - من أصحاب الفكر المتطرف، أن ينسبوا إلى الإسلام ما ليس فيه من العداء والكراهية والظلم، وينسبون إليه كذلك مشاعر التعصب والكراهية التى تحتويها قلوبهم تجاه أهل الأديان الأخرى، على الرغم من أن جوهر الدين الحنيف يتمثل فيه صفات السلام والمحبة والعدل، فهو قبس من نور، وجوهر الخالق جل وعلا، وشرع الله الذى أنزله على رسوله الكريم بالسماحة والحق، وهو من أفعالهم وأقوالهم وتفسيراتهم برىء.

وإذا كان المتطرفون ينشرون دوما دعواهم للتعصب بحجة العودة إلى أيام الإسلام الأولى أى «إسلام زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين»، فلنعد بهم عبر التاريخ ووثائقه إلى زمن صدر الإسلام، ولنحتكم إليه أيضاً.

أثناء تواجدى بالأمس بمكتبة كلية الآداب - جامعة القاهرة للبحث والقراءة وقع بين يدى بالصدفة البحتة كتاب «تاريخ وآثار مصر الإسلامية» لنخبة من كبار وعظماء مصر فى علم التاريخ، وأثناء تصفحى للكتاب توقفت أمام العديد من الوقائع والروايات التاريخية، التى تشير إلى أن عصر الرسول الكريم وصحابته الأجلاء، كان اعظم مما يتصور الكثيرون من الجهلاء والادعياء، الذين يسعون إلى تسميم محبة المصريين بسموم جهالاتهم وتعصبهم.

ولنستعرض بعضا منها..

يروى أن عمر بن الخطاب وجد عجوزا يسأل الناس فى الطرقات، وعلم أنه -ذمى- فسأله ما ألجأك إلى هذا؟ فأجاب الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده إلى بيته وأطعمه ومنحه مالاً وأسقط عنه الجزية، وأرسل إلى خازن بيت المال قائلا «أعطه وأمثاله ما يكفيهم وأهلهم بالمعروف».

كما يروى المؤرخون أن عمرو بن العاص عندما كان والياً على مصر فى خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ضرب ابنه غلاماً من الأقباط، فقام والد الغلام القبطى المضروب بالسفر بصحبة ابنه إلى المدينة المنورة، فلما أتى أمير المؤمنين عمر، بين له ما وقع، فكتب أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص أن يحضر إلى المدينة المنورة بصحبة ابنه، فلما حضر الجميع عند أمير المؤمنين، ناول الخليفة عمر بن الخطاب الغلام القبطى سوطًا وأمره أن يقتص لنفسه من ابن عمرو بن العاص، فضربه حتى اقتص لحقه وشفا ما فى نفسه. ثم قال له أمير المؤمنين «لو ضربت عمرو بن العاص نفسه ما منعت، لأن الغلام إنما ضربك لسلطان أبيه»، ثم التفت إلى عمرو بن العاص قائلًا «يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟».. ويذكر المؤرخون أن الخليفة عمر بن الخطاب قد قرأ على عمرو بن العاص آية من سورة العنكبوت «وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِى أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.»

عزيزى القارئ...

ـ الحق ولست أخفى أننى أورد هذه الوقائع التاريخية ليس دفاعا عن الاقباط أو مجاملتهم، فلهم مالنا وعليهم ما علينا بلا أى تمييز، أو قولاً بسماحة الإسلام الذى هو سمح بطبيعته، فيقيم العلاقة بين المسلمين وغيرهم على أسس وطيدة من التسامح والعدالة والرحمة، ولكنى أورده ردا على الفتاوى والآراء العبثية الشاذة التى لا محل لها من الإعراب والتى يصدرها البعض من الجهلاء والأدعياء، فهم بذلك يشقون الصف ويضعفون جبهته الوطنية.

 - أيضاً لست أخفى أننى أتمنى  ضرورة أن تستعيد مصر وجهها الحضارى اللائق بها كى تصبح أعياد المسلمين والأقباط أعيادا قومية عامة تؤكد على تمسك الجميع بالوحدة الوطنية وعلى احترام كل طرف لمعتقدات الآخر.

 وأخيراً..

 لا أملك بعد كل ذلك إلا أن أعود ودون ملل إلى تكرار الأسئلة الملحة على وجدانى.. ماذا جرى لمصر أقباطاً ومسلمين؟ ومن المسئول عن ذلك؟ ومتى تتخلص مصر من مرض التطرف الدينى.. وكيف؟.

وللحديث بقية

 

عضو مجلس الشيوخ

عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن حزب التجمع