رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صديقى أدخل أبناءه مدرسة راقية متميزة بالفخامة والشياكة.. ومصاريف باهظة.. سألته لماذا كل هذا؟ قال مدرسة متميزة وعشان الأولاد يتعلموا بشكل أفضل.. المدارس العادية مافيهاش تعليم وكله بايظ.. كان لزاما على أن أصمت.. ولم أعلق.. صديقى دائما فى ضيق بسبب كثرة المصاريف المطلوبة فى المدرسة، كل شوية عاوزين كذا وكذا.. ثم قلت لصديقى.. هل أنت فعلا ملاحظ أن هناك تغيرا وتحسنا وتقدما فى حالة الأولاد.. هل يتميزون مثلا فى شىء.. هل طريقة التفكير تشعر أنها متميزة عن الآخرين.. هل مثلا لاحظت أن لهم اهتمامات وهوايات مختلفة عن أولاد المدارس العادية أو مقارنة بأولاد كل القريبين لك.. قال لى.. لا شىء على الإطلاق، الغريب أننى أعطيهم دروسا فى كذا وكذا.. اندهشت بعد كل هذه المصاريف الضخمة تعطيهم كمان دروس، قال لى فى أربع مواد.. قلت له والمستوى، قال لى عادى.. أشعر أنه لا فرق بين مستواهم ومستوى المدارس العادية التى نلومها وننتقدها.. وجاءت النتائج فوجد أنها متوسطة أو فوق المتوسطة. اقترحت عليه لماذا لا تنقل الأولاد إلى مدارس خاصة بلاش مدارس عادية، مدارس خاصة ولغات وتوفر هذه المصاريف الباهظة التى تنفقها وتجعلك فى حالة من التوتر والحدة والتعب المستمر؟ قال لى ما أقدرش أعمل كده لأنهم خدوا على المدرسة والمستوى وأصحابهم وعيب ينزلوا لمستوى أقل.. هل الحكاية مظهر ومنظرة على الفاضى.. قال لى فى أسى نعم للأسف فيها جزء من المظاهر اللى أنا مش عارف أعمل فيها إيه. هما مصاحبين أولاد فلان وفلان ومرتبطين بيهم جدا وما ينفعش إنهم يبعدوا عنهم.. وما تنساش إن المدرسة اتخرج منها فلان وفلان.. وفلان دا كان وزير.. وعلان هذا أيضا أصبحت وزيرة وسفيرة وكذا.. وكذا.. فى الحقيقة لا أجد تعليقا.. أصمت وأتأمل الموقف وأندهش.. إننا أصبحنا أسرى لكل ما هو مظهرى حتى ولو تكلفت الكثير من الأموال والتى لا أمتلكها والتى تضطرنى أن أقترض أو أبيع بعض الأشياء من أجل إرضاء تلك المظاهر التى لا تعود بالنفع أو القيمة. وهل وصل الأمر إلى ذلك الجبن الذى يجعلنا نقف بشكل عاجز عن أن نتخذ القرار الصحيح؟ تلك كارثة بكل المقاييس.

هذا الموقف يكشف لنا مدى المأساة التى نقابلها جميعا.. إنها المظهرية دون الجوهر، لقد ترسخ فى هذا المجتمع البحث عن المظاهر الخارجية دون النظر إلى جوهر الأشياء.. وماذا يعنى ذلك.. يعنى المزيد من الانهيار والمزيد من السوء فى جميع المجالات عندما يصبه الجوهر متهرئ وغير جيد وهش.. ويغلفه المظهر الجميل البراق المبهر، هنا تكون الكارثة.. هو جذب العيون والسيطرة عليها وجعلها هى الحكم فى كل شىء، سواء فى التعليم أو فى أى شىء آخر فى الحياة.. فالسلعة تكون فاسدة وغير صالحة للاستخدام الآدمى.. لكن نضعها فى غلاف جيد مبهر جميل ونغير التاريخ وتباع بضعف الثمن.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون