رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

فى ظل اتجاة الأزمة الاقتصادية العالمية إلى مزيد من التعقيد في الفترة القادمة، وانعكاسات ذلك على المشهد الاقتصادى الراهن في بلادنا، لا نملك سوى ان نقدر الجهود التي تبذلها الدولة المصرية وعلى كافة مستوياتها التنفيذية العليا للتعامل مع هذه الأوضاع المرتبكة والتى تتغير أحوالها بين عشية وضحاها.

فالمؤكد أن الدولة تتحرك على عدة مسارات متوازية، تستهدف الخروج من الأزمة بأقل خسائر ممكنة، وهى مسارات تتراوح بين عقد اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي يساعدنا على العودة مجددا إلى سوق التمويل العالمية للحصول على قروض تسد الفجوة التى تعانى منها الموازنة العامة وميزان المدفوعات الخارجى، وبين التوجه بثقل مصر السياسى والحضارى إلى محيطها العربي بهدف اجتذاب استثمارات خليجية جديدة، بديلا عن الدائرة المسمومة للأموال الساخنة.

هذه الاستثمارات الخليجية المرتقبة والتى تدور حول ٣٠ مليار دولار -حسب تقارير عالمية- تتوزع بين الأشقاء في السعودية والإمارات وقطر سوف تأتى لشراء مجموعة من الأصول الاقتصادية الموزعة على قطاعات مختلفة بين الصناعة والخدمات المالية والعقارات وهى -رغم ما قد يبديه البعض من تحفظات على ما يعتبره هؤلاء تفريطا في أصول مهمة- أفضل كثيرا من لعبة الأموال الساخنة التى دفعنا فيها ثمنا فادحا على مدار السنوات الأخيرة، ولم نجنِ منها سوى مزيد من خفض قيمة العملة وصدمات سعرية كل فترة لم يعد المواطن يمتلك قدرة على تحمل تبعاتها.

فالاستثمارات العربية -رغم التحفظات- هى فى نهاية المطاف عبارة عن حصص فى أسهم شركات وبنوك قائمة، وتعمل داخل السوق المصرية، أى ستبقى جزءا من الطاقات الإنتاجية والخدمية وهى كيانات سوف تواصل عملها بغض النظر عن طبيعة المالك الجديد، المهم الا يترتب على ذلك ظهور أى شكل من أشكال الاحتكار أو الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين اللاعبين في ذات النشاط.

أيضا فإن الدولة بعد تجاوز الأزمة الحالية، ومع إحراز قدر معقول من النمو تستطيع أن تستعيد هذه الأصول أو تنشئ أصولا جديدة، تعمل فى ذات المجالات، ذلك لأن العملية الاستثمارية هى عملية مستمرة بطبيعتها، لأنها تلبى احتياجات تتزايد كل يوم فى بلد ينمو معدل سكانه بوتيرة سريعة، ومن ثم لا أرى مبررا للانزعاج الكبير الذى يبديه البعض من توسع رؤوس الأموال العربية فى شراء أصول مصرية فى هذه المرحلة، لأن الأكثر أهمية من ذلك هو خفض فاتورة الخسائر التى قد يتكبدها الاقتصاد المصرى من جراء الأزمة الطاحنة الحالية والتى لا نرى لها نهاية فى المدى المنظور.

لكن يبقى المسار الأكثر استدامة ورسوخا وملبيا لاحتياجات البلاد على المدى البعيد، وهو مسار تعزيز الإنتاج المصرى من السلع والخدمات، وهو مسار تمضى فيه الدولة إلى حد ما، لكن خطواتها لا تزال بطيئة لاسيما في مجال الإنتاج الزراعي، وسد الفجوة الغذائية ومجال الإنتاج الصناعى القادر على وقف سيل الواردات، وتعزيز القدرة التصديرية للبلاد، بما يحل مشكلة العجز المزمن في ميزان المدفوعات.

فالمطلوب هو التركيز بشدة على المسار الثالث؛ لأن المسارين الآخرين، مسار الاقتراض من الخارج ومسار بيع بعض الأصول للأشقاء، هما مساران محدودا النتائج ومؤقتان، ومن ثم يبقى المسار الثالث هو الحل الذى يجب أن يحتشد له الشعب بمدخراته والدولة بأدواتها، ذلك لأنه بدون هذا الاحتشاد لن ننجز شيئا، وبدون نجاح المسار الثالث سوف نبقى داخل دائرة الأزمة وهو ما لا نرجوه ولا نتمناه.