كنت قد تحدثت فى مقالات سابقة عن رقمنة الدولة وعصر النانو تكنولوجى وغيرها، والتى هى سبيلنا الوحيد فى تقليل حجم الفساد الذى تعانى منه كل الدول النامية، بل الدول تحت النامية أيضاً، حيث إن رقمنة الدولة تقلل من فرص احتكاك مقدم الخدمة بطالبها وبالتالى تختفى مقولة «كرمش ومشى أمورك»، والأسبوع الماضى تابعنا تصريحات المسئولين عن رقمنة الشهر العقارى فى عملية تسجيل العقارات وكيف يمكن للمواطن طالب الخدمة أن يتقدم عبر الموقع الإلكترونى ليحصل على موعد مسبق، ومن ثم يتوجه لتقديم مستنداته وتكون عملية التسجيل خلال 37 يومياً فقط لا غير بدلاً من سنوات أو شهور على أقل تقدير.
ولكن... هالنى موقفان وجدت دهشة غير مسبوقة لا أستطيع أن أخفيها، الأول خاص بامتحانات التابلت وسقوط السيستم وإعلان وزارة التعليم بمنح 92 ألف طالب الدرجة النهائية!!، بالطبع علامة التعجب هى أن وزارة التربية والتعليم أهدرت مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب بسبب خطأ الوزارة، وأصبح من تعب وذاكر نصيبه مثل غيره من الفاشلين، وتلك النقطة يجب مساءلة الحكومة عليها، وسبب دهشتى هو أن تلك المنظومة لها أكثر من سنتين الآن ووزارة التعليم تعمل عليها وخلال السنة الماضية والحالية نفس المشاكل التى تحدث سواء وقوع السيستم أو ضعف شبكة الإنترنت وغيرها، وهو بالطبع يستوجب تقديم أسئلة، وطلبات إحاطة للمسئولين عن تلك المنظومة، وليس تقليلاً من دور الوزير المسئول، ولكن ليكون لدى الجمهور- الذى أصبح ضحية إهدار مبدأ تكافؤ الفرص بين أبنائه الطلاب- إجابة على أهم سؤال يطرح نفسه، وهو: لماذا الاستعجال فى تطبيق منظومة ربما هى الأكثر أهمية لنا طالما نعانى مشكلات ربما تقنية أو فنية قبل اختبارها مرة واثنين وثلاثة؟
الخبر الثانى هو ما نشرتها جريدة «الوفد» الأسبوع الماضى عن عودة الطوابير أمام مكاتب التموين بسبب تعليمات الوزارة بضرورة تحديث رقم المحمول لبعض أصحاب بطاقات التموين، وليس بغريب عن جريدة «الوفد» أنها نبض الشارع وبالتالى وضعت مانشيت لصدر صفحتها الأولى وهو «وزارة الطوابير.. التموين سابقاً» مصحوباً بصورة تعبر عن الحقيقة التى يحاول البعض إخفاءها، ثم تسرع الحكومة بتحديث الموقع المخصص لتلقى تحديث المواطنين وإضافة خانة جديدة خاصة بتحديث رقم المحمول، ويصبح المواطن قادراً على تحديث بياناته وإدخال رقم المحمول الخاص به فى أى وقت وأى مكان دون العذاب فى طوابير التموين أو تصوير مستندات وغيره، وتختفى تلك الطوابير بين ليلة وضحاها، بل الأغرب هو تجربة محافظ الإسكندرية، وهى وضع خدمة الواتس آب أمام المواطنين لتسهيل عملية تحديث بيانات صاحب البطاقة وهو فى منزله، السؤال الآن للمسئولين عن وزارة التموين: لماذا لم يتم تطبيق كل تلك الحلول قبل إعلان تحديث البيانات أم نطلق القرارات دون دراسة نتائجها السلبية والإيجابية وننتظر رد فعل الطوابير لنتحرك؟!
وما بين سقوط السيستم وطوابير التموين علاقة، وهى «التكنولوجيا»، ويكون السؤال الأخير لحكومة الدكتور «مدبولى»: أين نحن من الحلول التكنولوجية ورقمنة الدولة بعد سقوط السيستم وإهدار مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب وأيضاً طوابير التموين التى رفعت شعار «الطابور فى خدمة الحكومة لحين تحديث السيستم»؟