صفحات من تاريخ الوطن (١٠)
بأى حال من الأحوال لا يمكن أن يتصدى باحث لدراسة التنظيمات الإرهابية فى مصر والوطن العربى، دون أن يتوقف ملياً أمام شخصية سيد قطب، والذى يعد بمثابة الإمام والأب الروحى لكثير منها.
«فالرجل».. بفضل كتابه الأشهر «معالم فى الطريق»، والذى نظر فيه إلى البناء الايدلوجى لتكفير المجتمعات ومشروعية استخدام العنف ضدها، وأيضاً بفضل نهاية حياته الدرامية وما روج لها من قصص وخيالات وأكاذيب، تحول إلى أيقونة براقة ونجم لامع فى سماء الارهاب الفكرى والمسلح على حد سواء والمتمسح بالدين الإسلامى الحنيف.
فقد تمكن سيد قطب من خلال كتاباته الشاذة صياغة رؤية شيطانية غاية فى التعقيد تكون مرجعية أساسية لتنظيمه وأيضا لجميع التيارات والتنظيمات الاجرامية التى تنشأ من بعده، والتى يمكن إجمالها على النحو التالى:
1 - يقرر سيد قطب أن المجتمعات نوعان، مجتمع جاهلى ومجتمع مسلم، فالمجتمع الإسلامى هو الذى يطبق فيه الإسلام سواء كعقيدة أو عبادة أو شريعة أو نظام، وفى حالة عدم تحقيق ذلك يكون المجتمع جاهلياً حتى لو قال أبناؤه عن أنفسهم إنهم مسلمون.
2 - يرفض سيد قطب كافة نظم الحكم والسياسة من ديمقراطية واشتراكية وعلمانية..الخ، حيث يرى انها نوع من حاكمية البشر التى تتناقض مع الحاكمية الالهية التى تتمثل فى تحقيق العبودية لله وحده، وإخراج الناس من سلطان العباد فى حاكميتهم وشرائعهم وقيمهم وتقاليدهم إلى سلطان الله وحده فى كل شأن من شئون الحياة.
3 - يرى سيد قطب أن تحقيق البعث الإسلامى للقضاء على الجاهلية لن يتم إلا بالاعتماد على عصبة مؤمنة يتغلغل الايمان فى ذهنها وعقلها بمعزل عن المجتمع الجاهلى، ثم بعد ذلك يتم إعدادها وتنظيمها عسكرياً حتى تتمكن من مواجهة طواغيت المجتمع الجاهلى من خلال الجهاد حتى تتمكن هذه الطليعة المؤمنة من إقامة دار الإسلام ومن ثم الانطلاق للقضاء على مجتمع الجاهلية.
وقد سعى قطب بكل ما أوتى من قوة إلى تنفيذ أفكاره الارهابية ونقلها لأرض الواقع، فأسس تنظيماً مسلحاً «تنظيم ٦٥» من الشباب المغيب وبعض الحانقين على نظام الرئيس عبدالناصر، يستهدف من خلاله السيطرة على الحكم وإقامة دولة الجماعة وذلك من خلال قتل عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر وكبار رجال الدولة آنذاك، وكذلك تدمير محطات الكهرباء، ونسف القناطر الخيرية وتدمير المؤسسات الحيوية والاستراتيجية وذلك بهدف نشر الفوضى والخراب داخل البلاد، ومن ثم تصبح السيطرة على مقاليد الأمور ميسورة.
«ولكن».. رصدت الأجهزة الأمنية تحركات تنظيم ٦٥ وتتبعته فى أدق تفاصيله وخطواته، إلى أن تم القبض على سيد قطب وسائر أعضاء التنظيم فى اغسطس 1965، وأجريت لهم محاكمة انتهت بصدور حكم بالإعدام على قطب وذراعيه يوسف هواش وعبدالفتاح إسماعيل، وبأحكام مختلفة على البقية من الأعضاء.
«عاش سيد قطب ومات».. مصدراً للفتنة والاضطراب لذاته ولوطنه،، فقد ارتبط اسمه بالارهاب والفوضى، لذلك استحق عن جدارة وبلا منافس أن يكون للإرهاب إماماً وللدمار والخراب قبلة وظلاً.
عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.