عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكاشفات

 

سيدة فى الخامسة والثلاثين من عمرها، تحمل درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات المعروفة، أستاذة جامعية ناجحة، مثقفة، جذابة تنتمى لأسرة مرتفعة من حيث السلم الاقتصادى والاجتماعى، متزوجة من طبيب ولديها ثلاثة أبناء، اتصلت بى يوما وهى تقاوم بكاءها وطلبت منى وبشدة علاجا من حالة شديدة من الاكتئاب تتملكها، فحينما رأيتها فى الموعد المحدد بيننا فوجئت بالتغيير الشديد عليها، فقد بدت مختلفة جدا عن سابق عهدها، فبدت كما لو كانت قد كبرت فى السن، وقد بدا إهمال واضح فى هندامها ورعايتها الصحية لنفسها، فما رسمته الأيام عليها من تغيرات بدنية وصحية لا يتناسب قط مع وضعها المهنى والاجتماعى.

بدأت شكواها بنوبة من البكاء ومن الرثاء الذاتى، فكل شيء فيها يبدو على وشك الانهيار، فحياتها الزوجية مهددة بالانتهاء وأطفالها متخلفون دراسيا، وأبواها لم يمدا إليها يد العون لانتشالها مما هى فيه على حد قولها، جاء ذلك على لسان الدكتور عبدالستار إبراهيم أستاذ علم النفس الإكلينيكى فى كتابه الاكتئاب فهمه وأساليب علاجه.

والمؤلم كما جاء على لسان الأستاذة الجامعية أن حالة الاكتئاب التى ألمت بها، قد أثرت على علاقاتها فى العمل فأصبحت تشك فى إمكانياتها، وأحاط بها اليأس وتملكها وشكك فى قدراتها فى الوصول للنجاح الذى قد رسمته لنفسها فى عملها، وذكرت أنها لا تطيق فكرة الخروج من منزلها ولا تستمتع بصداقات جديدة ولا تريد التواصل مع أحد، فهى تشعر بالوحدة ولا تجد الطاقة الكافية لعمل أى شيء إيجابى فى حياتها، فالاكتئاب دمر حياتها بشكل كامل.

وأعطاها الدكتور عبدالستار درجة 20 وفقا لمقياس بيك للاكتئاب، وهى فئة تحتاج لمعالجة مهنية، وبالمناسبة مقياس بيك للاكتئاب أشهر مقاييس الاكتئاب العالمية ينسب لعالم النفس الشهير آرون بيك يحدد شدة الاكتئاب لدى الأشخاص عن طريق استبيان ذاتى يتكون من 21 سؤالا من نوع الاختيار المتعدد تكشف هذه الأسئلة مواقف الحياة اليومية لمريض الاكتئاب.

ومما لاحظته فى قول الأستاذة الجامعية أنها مستمرة منذ فترة طويلة على تناول المهدئات ومضادات الاكتئاب بلا تأثير إيجابى ملحوظ على سلوكها وشخصيتها، فلا ثمة تغيير ولو بسيطا بدأ فى تحسين مزاجها العليل أو نشر روح إيجابية متفائلة فى حنايا جسدها المهزوم.

وفى ذلك قال الدكتور عبدالستار قولا هاما: صحيح أن العقاقير الطبية المهدئة والمضادة للاكتئاب قد تنفع البعض، ولكنها لا تخلو من المشكلات، فهى لا تؤدى للنتائج الإيجابية نفسها مع جميع المرضى بالاكتئاب.

والاعتماد على العلاج الكيميائى للاكتئاب لفترة طويلة، من شأنه أن يقلل من فرص المريض فيما بعد فى تنمية مهاراته الشخصية، لتصوره أن المعالجة الكيميائية هى كل ما يحتاج إليه ومن ثم تضيق أمامه فيما بعد فرص التنمية الذاتية، وتكوين المهارات الاجتماعية المطلوبة لتنمية حياة سعيدة وفعالة، وفضلا عن هذا وذاك، فإن الأعراض الانفعالية التى تصيب المكتئبين قد تكون ناتجة عن كثير من الأفكار الخاطئة من التفكير التى يتبناها المريض عن نفسه وعن عالمه.

بعبارة أخرى، إننا قد نجد حالة إنسانية بالرغم من تفوقها العلمى والأكاديمى، فإنها تبنت بلغة الصحة النفسية فلسفة لا عقلانية امتلأت بالتشاؤم وامتهان الذات والتركيز على الجوانب السلبية من الحياة، ومن المؤكد أن نجاحها فى العلاج لا يمكن أن يتم دون انتباه لهذه الجوانب الفكرية الخاطئة ومحاولة استبدالها بأفكار أكثر عقلانية.

فأفكارنا ومعتقداتنا وتفسيراتنا للأمور قد تكون هى السبب الرئيسى من إحداث إثارة لاضطراباتنا النفسية بما فى ذلك الاكتئاب.

[email protected]