رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

تتشابه إلى حد كبير المتغيرات المعاصرة التى يعيشها العالم مع نهاية الحرب العالمية الثانية والتى تطلبت ضرورة البحث عن قوة عالمية تكون قادرة على ملء فراغ الإمبراطورية البريطانية، فكان ما يعرف باستراتيجية ملء الفراغ، وبموجبه دخلت الولايات المتحدة الأمريكية لتصبح القوة الأولى عالميًا عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا.

وحتى تضمن البقاء الاستراتيجى كان لابد من السيطرة الكاملة على مجمل الأوضاع الاقتصادية العالمية، فكان التخطيط لإزالة العقبات أمام الإقراض والتجارة الدولية والمدفوعات، بمعنى أوسع وضع خطط لاستقرار النظام المالى العالمى وزيادة التجارة وإعمار أوروبا، فكان اللقاء الذى جمع ٤٤ دولة عام ٤٤ من القرن الماضى فى غابات بريتون فى نيوهامبشر بالولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى إثر ذلك تم تأسيس النظام الذى عرف ببريتون وودز، (والذى خرج من عباءته صندوق النقد الدولى والبنك الدولى للإنشاء والتعمير، وبعدها منظمة التجارة العالمية). وقد تعرض هذا النظام لهزة عنيفة بسبب انخفاض الاحتياطى النقدى الأمريكى وزيادة السيولة الدولارية دوليًا عام ١٩٥٩ مما خلق عرضا دولاريا تخطى الاحتياطى الأمريكى من الذهب، الأمر الذى ترتب عليه فقد الدولار لقيمته واهتزاز النظام النقدى، مما دعا الرئيس الأمريكى الأسبق نيكسون إلى إلغاء نظام بريتون وودز عام ١٩٧٣، وهو قرار ترتب عليه تداعيات خطيرة على المستوى الاقتصادى العالمى وحتى الآن.

والسبب الأول لذلك أن ما خرج من عباءة نظام بريتون وودز وهو صندوق النقد والبنك الدولى ومنظمة التجارة العالمية ما زالوا يعملون بنفس الكيفية حتى الآن، وثانيا أنه وبعد مرور نصف قرن من قرار نيكسون مازالت صدمة هذا القرار هى أكبر الانقسامات فى التاريخ النقدى والذى ترتب عليه قطع الرابط الذى كان يجمع المال والمعادن الثمينة والذى استمر آلاف السنوات. ثالثًا اعتماد البعض على أن الولايات المتحدة الأمريكية لم ولن تتأثر بهذه الصدمة لأنها فى أسوأ السيناريوهات ستظل تمد العالم ببضاعتين يحتاجهما الجميع، اللغة الإنجليزية كوسيلة مشتركة للتعبير، والدولار كوسيلة مشتركة للتبادل.

لكن هذا لن يكون للأبد، ففى ظل تنامى قوى اقتصادية مثل الصين تكون الولايات المتحدة مهددة بالنزول من عرش القوة الاقتصادية الأولى، كذلك فإن ميزة اللغة الإنجليزية يهددها التقدم الهائل فى الترجمة الآلية بفضل الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعى بدلًا من اللغة الإنجليزية، ومع وجود مخاطر مالية فى سوق الأوراق المالية تزيد مخاطر الاعتماد على الدولار كلغة للتبادل المشترك، حيث تبرز على الساحة الآن توجه لبعض الدول خاصة النفطية التى أعلنت على استحياء تمردها على هذا النظام، معلنة الاعتماد على عملات أخرى ومهددة للدولار.

ويمكن القول إنه مع تسارع الثورة الرقمية (والتى تحسب للقيادة السياسية فى مصر اعتبارها الركيزة الثالثة والأخيرة من عملية الإصلاح الاقتصادى والهيكلى الثانى) يقترب العصر المالى من نهايته، بل وإضعاف محتمل للصلة التاريخية بين الاستقرار النقدى والإدارة المالية، حيث لم تتعلم الحكومات العالمية ولا البنوك المركزية كيف تدير هذا العالم اقتصاديا بصورة فعالة منذ صدمة نيكسون. والآن ونحن نتجه بقوة غير مسبوقة نحو نظام نقدى جديد، بل ونظام عالمى جديد عنوانه عالم متعدد الأقطاب متساوى الفرص والثرواث معتمدًا على المعلومات والتى هى فى حقيقة الأمر نوعًا من السلع ولكن بوزن وقيمة أعلى بكثير.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام