«سبحان الله» تلك الكلمة التى تبعث فى نفوسنا راحة روحانية عميقة عندما نتأمل إبداع الخالق سبحانه وتعالى فى خلق جسد الإنسان، وخصوصاً عندما نتأمل الدورة الدموية بكل معانيها، فتلك شرايين وتلك أوردة، كلاهما يعمل فى توازٍ منضبط، فالشريان يحمل الدم المحمل بالأكسجين من القلب إلى الجسم ليغذيه ويبنيه، بينما الوريد يحمل ثانى أكسيد الكربون من الجسم إلى القلب لينقى الجسم من سموم تقتله لو استمرت دون إخراجه، وعندما تتأمل صورة شبكة الشرايين والأوردة المنتشرة فى الجسد تشعر وأنك أمام لوحة مرورية بديعة المنظر، تسير بشكل منضبط فمنها من يغذى الجسد ومنها من ينقى الجسد، الكل يعمل فى ديناميكية عجيبة، كل هذا يتم تكراراً ومراراً وفى كل لحظة دون أن تلاحظه، طالما يسير فى شكله المنضبط، ولكن لا قدر الله وحدث شىء ما فى أحد تلك المسارات سواء شرايين أو أوردة، لتداعى جسدك كله ألماً لتلك العارضة وهو ما يسمى بالجلطة، فتسرع إلى الاستشفاء منه سواء بأدوية إسالة أو تدخل جراحى لإزالة عوائق سير عملية الدورة الدموية لطبيعتها، وتسير الحياة.
ولا شك أن الخريطة المروية لأى دولة فى العالم يقال عنها شرايين الحياة، فدون تلك الشرايين وقوتها وصلابتها لتداعت كل مسارات الحياة فى تلك الدولة، فلن يكون هناك استثمار بل الأصح، قل لن تكون هناك حياة، وأتذكر فى وقت مضى كنت فى إحدى بقاع مصر الحدودية وبها مناجم وخيرات كثيرة، وكنت أتساءل لماذا لا نستطيع أن نستفيد من تلك الخيرات، فكان جواب الخبراء هو أن تكلفة النقل أعلى بكثير من هامش الربح، بل قل إن هناك خسارة محتملة لأى استثمار يأتى إليك، لأن طرق النقل سواء المواد الخام أو عمالة أو معدات مكلفة جداً، وبالتالى فليس هناك أى استثمار يقبل أن يأتى إليك وأنت لا تملك طرقا ممهدة قوية تتحمل استثمارات ضخمة توجه لتلك الأماكن، بل إنك لو لاحظت أن كل التجمعات السكانية عموماً فى كل دول العالم تتمركز حول الطرق المرورية، فلو أوجدت طرقا ممهدة، لوجدت حياة تنبض ووجدت استثمارا يأتى إليك ووجدت قوة بشرية تهاجر لتلك الأماكن بحثاً عن فرص عيش أفضل.
تذكرت كل هذا وأنا أتأمل خريطة مصر المرورية حالياً وتلك المحاور والكبارى والطرق التى تم إنشاؤها مؤخراً، بالإضافة للمدن الجديدة أيضاً التى يتم ربطها بتلك الطرق القوية وكيف تخطط القيادة السياسية للدولة متمثلة فى رئيسها عبدالفتاح السيسى الذى دائماً ما تجده ربما بصفة أسبوعية يتفقد أحد المحاور ليطمئن على نبض الحياة على أحد شرايين التنمية فى مصر، وأيضاً تأملت تلك الخطوات السريعة التى يقوم بها وزير النقل الفريق كامل الوزير فى تنفيذ كل المهام التى يتم تكليفه بها حالياً، فهو يعلم جيداً أن دوره حالياً هو تمهيد الحياة لمجتمعات جديدة قوية جالبة لاستثمار قوي.
ربما البعض ينتقد ويقول ولماذا كل هذه الكبارى والمحاور، ليكون الرد عليه ببساطة لتنبض حياة فى أماكن ماتت من عقود، ومن يزرع فعليه أن يصبر قليلا ليرى ثمار تعبه، وتذكر جيدا اليوم الذى ماتت فيه الحياة على طريق أن تسير فيه لمجرد أن وقعت حادثة، أو تذكر ببساطة دورتك الدموية وكيف تبنى جسدك، فتحية تقدير وشكر لصناع نبض الحياة فى مصر.