رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عن دار إضاءات للنشر والتوزيع صدرت تلك الترجمة الجميلة للأستاذ: محمود قاسم. وبداية نقول.. الكتابة فن.. والترجمة كذلك.. تكتب وتقول.. وتترجم فتبدع فى توصيل الفكرة دون أن تبترها أو تميتها أو توصلها ميتة.. فى الترجمة أن تعيش الحالة التى سيطرت على الكاتب كى يخط بكلماته.. وعليك كمترجم أن تتقمص تلك الحالة كى تأتى ترجمتك تعبيرا عما خطر وما اعتمل فى ذهن الكاتب المبدع بقدر كبير.. ومن ثم فالكاتب مبدع وفى نفس الوقت فإن المترجم الحقيقى تصدق عليه كلمة المبدع بشكل أو بآخر.. فلولاه ما كنا نتمكن من معرفة مؤلفات العمالقة من الكتاب والأدباء والمفكرين والشعراء.

هناك بعض العبارات يوردها جيد فى النص تجعلك تفكر وتعيد التفكير.. إنها عبارات تدخل إلى عالم الفلسفة، بمعنى الكلمة، فمثلا: (وإن من القسوة على المرء أن يعرف أنه حر).. وأنت تسأل لماذا؟ لأن الإنسان مع إدراكه أنه حر يجد ذاته عليها أن تتحمل تبعات كل أفعاله وأفكاره عندما تكون حرا.. إذًا أنت مسئول، لست مسئولا عن ذاتك بل وعن الآخرين.. وتلك هى القسوة فى ذلك الإدراك.

إن السؤال فى حد ذاته مرعب ومربك، أن تسأل معنى ذلك أنك تفكر وتتأمل وتعى بشكل أعمق.. فمثلا،: «ترى من أين يجىء خوفى ورعبى؟ هل يجيء فى نفس اللحظة التى بدأت منها أحب الحياة؟»، مثل ذلك السؤال يدخلك فى حالة من حالات الاستبطان الذاتى.. فعندما تشعر الذات بأنها على وشك فقدان الحياة وأن الموت يتراقص أمام العين.. هنا يعترى الذات ذلك الخوف والرعب من الفقد.. وعندما تحب الحياة لسبب أو لآخر تجد المخاوف تتقن رقصها أمام عينيك.. أنت تحب أن تعيش وتتمتع بالحياة لكن ماذا أنت فاعل فى ذلك المتراقص والذى يربكك أو يلوح لك بأنك زائل أو قد تفقد الحياة فى لحظة ما.

أيضا نتوقف عند مقتطف آخر يحمل الكثير من الفلسفة والرؤية العميقة يقول: آه! كم هو خطير أن تتوقف سعادتنا على الأمل وعلى مستقبل مجهول، خاصة بالنسبة لى أنا، لم أجد طعما للأشياء إلا فى الماضى، إن إنقاذها المفاجئ حتى لو للحظة مكننى أن أتألم يوما، كما رحت أفكر، لكن المستقبل يفسد الحاضر أكثر من أن يفسد الحاضر الماضى.

على أية حال إن النص مليء بالكثير من اللقطات العميقة والتى تدخلك فى عالم الفلسفة.

والعمل الفنى الجيد هو الذى يحدث داخل الذات درجة من درجات التغيير.. فأنت قبل تناول العمل غيره بعد تناول العمل.. هذا المعيار إلى حد كبير يمكن أن نرتكن إليه للحكم على العمل إلى حد ما.. فهناك الكثير من المعايير فى تقييم العمل الفنى الجيد.

شكرا للأستاذ محمود قاسم، وشكرا لدار النشر إضاءات على إصدارها هذا الكتاب.. على أمل أن تتاح لى فرصة لتقديم دراسة وافية لذلك النص الممتع لأندريه جيد.

--

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال – أكاديمية الفنون