رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بداية نقول إن الحياة الخاصة أقصد طريقة التربية تؤثر فى رؤية الإنسان لكل شىء محيط به..عند الحديث عن شوبنهور نجد أنه لم يجد عناية أو اهتماماً كبيراً فى حياته الأولى..لم يبد والد شوبنهاور، هاينرش, وهو تاجر ثرى, وأمه يوهانا, سيدة بارزة فى المجتمع وأصغر من والده بعشرين عاماً, اهتماماً كبيراً بابنهما الذى أصبح أحد أعظم التشاؤميين فى تاريخ الفلسفة. (حتى حين كنت طفلاً فى السادسة وجدنى والداى فى حالة من اليأس العميق بعد عودتهما من نزهتهما أحد المساءات).

كانت أم شوبنهور تتذمر من ولع ابنها بـ(التفكير بالبؤس البشرى).. فى نزهة إلى الريف، اقترح صديق أن عليهما محاولة لقاء امرأة. طرد شوبنهور الفكرة محاججاً بأن (الحياة شديدة القصر والإرباك وسريعة الزوال بحيث لا تستحق عناء القيام بمجهود كبير).

وعلينا أن نلقى الضوء على أمه لكى يتسنى فهمه بشكل أعمق، لم يكن شوبنهور قد بلغ الثامنة عشرة حين سقط والده من أعلى سطح البيت، هذا الحادث الذى فسره المقربون, وحتى ابنه، على أنه محاولة انتحار. «كانت السيدة أمى تقيم السهرات فى المنزل, فيما كان هو غارقاً فى الوحدة, وكانت تتسلى فيما هو يقاوم المعاناة غير المحتملة. هذا هو حب النساء» كانت سيدة مجتمع متحجرة القلب, مشغولة بفساتينها وعشاقها المحتملين أكثر من انشغالها بعائلتها، وطالما رأت نفسها (كاتبة). ذلك هو البورتريه المؤثر الذى ارتسم للأبد فى قلب شوبنهور, وطبع بقوة رفضه الحاد لنصف الإنسانية المؤنث واليأس الذى تملكه إزاء الوجود بشكل عام.

فى 1821 يقع شوبنهور فى غرام كارولين ميدو, وهى مطربة فى التاسعة عشرة من العمر. استمرت العلاقة عشر سنوات على نحو متقطع, ولكن لم تكن لدى شوبنهور نية لجعل الارتباط رسمياً: (أن تتزوج يعنى فعل كل ما يمكن ليصبح كل طرف موضع اشمئزاز الآخر). ومع ذلك كان مغرماً بفكرة تعدد الزوجات: (من بين المزايا لتعدد الزوجات هو أن الزوج لن يعقد صلات شديدة القرب من أهل زوجته، وهذا هو العامل الذى يشكل مصدر خوف حالياً يكبح انتشار الزواج. عشر حموات بدلاً من واحدة).

فشل شوبنهور فى علاقاته العاطفية.. لذلك كان كارهاً للنساء ولعل السبب الجوهرى فى رأينا يرجع إلى أمه.. فتلك الحياة المضطربة وغير المتوافقة مع أمه التى كانت كراهية صريحة وعلنية سواء من الأم لابنها أو من الابن لأمه.. هذا الأمر جعله ينفر من المرأة ويكرهها لحد كبير.. فى المقابل وجه حبه وعشقه إلى الكلاب!

أصبحت علاقته المقربة مع كلاب البودل التى أحس بأنها تمتلك لطفاً وحناناً يفتقر إليه البشر: «رؤيتى أى حيوان تمنحنى السعادة مباشرة وتطرب قلبى». كان يغدق مشاعره على تلك الكلاب، مخاطباً إياها (سيدى), ويبدى اهتماماً كبيراً برعاية الحيوانات: «الكلب شديد الذكاء، صديق الإنسان الحقيقى والأشد إخلاصاً, يربط بسلسلة بجانبه! لم يسبق لى أن رأيت كلباً إلا وأحسست نحوه بأعلى درجات التعاطف ونحو سيده باحتقار عميق. استذكره بأعلى درجات التعاطف, وسيده باحتقار عميق. استذكر برضى حالة كتبت عنها التايمز.. حين كان اللورد (س) يربط كلبه الضخم بسلسلة.فى أحد الأيام، حينما كان يتنزهه فى الفناء, مد يده إلى رأس الكلب ليربت عليه، فمزق الكلب ذراعه من أعلاها إلى أسفلها, وقد كان محقاً تماماً! ما عناه بهذا كان: أنت لست سيدي, بل شيطانى الذى يحيل حياتى القصيرة جحيماً!.آمل أن يحدث هذا مع كل من يقيد الكلاب بسلاسل».

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال – أكاديمية الفنون