رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

نحو المستقبل

يبدأ صباح اليوم السبت ولمدة ثلاثة أيام المؤتمر الدولى السنوى الواحد والثلاثون للجمعية الفلسفية المصرية، الذي يعقد بالتعاون مع كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وبين جنبات ومدرجات هذه الكلية العريقة يناقش اساتذة الفلسفة فى مصر والعالم العربي أسئلة المستقبل ، ومع طرح الأسئلة المستقبلية ترتفع هامات دعاة الاصلاح والتجديد منذ أيام الامام محمد عبده الذي بدأ دروسه الأكاديمية فى كلية دار العلوم بدراسة وتدريس مقدمة ابن خلدون التى أسس فيها ابن خلدون لعلم وفلسفة التاريخ من جانب وعلم العمران البشري المعروف الآن خطأ بعلم الاجتماع، وأقول خطأ وأعنيها لأن الفرق الذي لم يعِه أوجست كونت واميل دوركايم من مؤسسي علم الاجتماع الحديث بين علم الاجتماع وعلم العمران أن الحيوانات تؤسس مجتمعات، بينما الانسان يؤسس عمرانا، فهو القادر بعقله وابداعه وعمله على تعمير الأرض وعمارتها وتحويلها إلى جنات خضراء ومبان للسكنى وقوانين وتشريعات اجتماعية وساسية تنظم الحياة على وجه الأرض!!

وعبر استلهام دروس الامام الاصلاحية التجديدية ورؤى فلاسفة الغرب والشرق التى تستشرف آفاق المستقبل وتتأمل ممكناته وكيفية مواجهة تحدياته يدور حوار فلاسفة اليوم على أمل الخروج ببعض الرؤى والتوصيات التى قد يكون لها شأن وأثر لدى صناع القرار فى مصر والعالم العربي.

إن من شأن حديث الفلاسفة اليوم عن المستقبل أن يدحض المقولات الشائعة عن الفلسفة بأنها  بحث فى الماوراء فقط أو أنها مجرد محاولات لتفسير شمولى  لما يجرى من أحداث على أرض الواقع سواء للتبرير أو للتغيير الآنى. فالحقيقة التى تفاجئنا إذا أمعنا النظر قليلا فى تاريخ الفلسفة أن الفلاسفة كانوا دائما شغوفين ومشغولين بالصورة التى ينبغى أن يكون عليها المستقبل سواء على صعيد الوعى السياسي أو الاجتماعى أو الاقصادى، لقد كانوا دائما مشغولين بكيفية تطوير الحياة الانسانية من خلال الاهتمام بتطوير وابداع المناهج العلمية الجديدة التى من شأنها تغيير نمط الحياة الانسانية على وجه الأرض؛ فلقد كان حديث أفلاطون عن «المدينة المثالية الفاضلة» يمثل رؤيته لما ينبغى أن يكون عليه مستقبل الحياة السياسية والاجتماعية والتربوية والفنية للانسان، وكذلك كان ابداع أرسطو للمنطق وآليات التفكير والبحث العلمى ابداعا من شأنه نقل الحياة الانسانية إلى آفاق جديدة يفكر فيها الانسان تفكيرا فلسفيا وعلميا راشدا يطور من نمط حياته ويقودها نحو الأفضل، ونفس الشىء فعله فى العصر الحديث فرنسيس بيكون وهو ينتقد منطق أرسطو ويقدم منهجا استقرائيا جديدا كان يستهدف مستقبلا أفضل للبحث العلمى يقود الانسان إلى حقبة حضارية وعلمية جديدة، كما قدم ديكارت منهجه الشكى العقلي الجديد لتمكين البشر من أن يفكروا تفكيرا نقديا حرا ومستقلا حتى يبدأوا عصرا جديدا من التقدم بعيدا عن التشبث بالقديم الموروث غير ناظرين خلفهم وغير عابئين بكل ما يكبل العقل ويقيده.

وهكذا كان فلاسفة التجريبية الحديثة وفلاسفة عصر التنوير ودعاة نظرية العقد الاجتماعى ، كل أولئك وغيرهم حتى اليوم هم دعاة لمبادئ فكرية جديدة تقود البشر إلى التغيير نحو الأفضل. واذا كان ذلك كذلك طوال تاريخ الفلسفة فما بالك بفلاسفة العصر الراهن وهو عصر يشهد تطورات علمية مذهلة ترتب عليها ابداعات ومخترعات تكنولوجية غيرت وستغير وجه الحياة تماما على ظهر الأرض.

إن تساؤلات كثيرة تتعلق بالمستقبل السياسي للعالم فى ظل الصراع السياسي القائم بالفعل بين الدول العظمى، وخاصة بين الصين وأمريكا من جهة، وبين تلك الدول وبقية دول العالم التى وصموها بالتخلف وأطلقوا عليها دول العالم الثالث من جهة أخرى، وغير ذلك من تساؤلات عن مستقبل الهيئات الاقليمية والدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي وجامعة الدول العربية ومستقبل الصراعات الاقليمية، وخاصة الصراع العربي الاسرائيلي ؟! إنها جميعا وغيرها تساؤلات المستقبل التى سيناقشها هذا المؤتمر المهم الذى تنظمه الجمعية الفلسفية المصرية بالشراكة مع كلية دار العلوم العريقة وترعاه جامعة القاهرة العظيمة بتاريخها الطويل ومستقبلها المشرق بإذن الله.

[email protected]