رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

الكتابات المتألقة والنابضة رائعة.. نقول ذلك ونحن أمام مجموعة قصصية بعنوان (عرائس السكر) للكاتبة ، زيزيت سالم وأول ما يلاقيك فى كتاباتها هو امتلاكها للغة وجمالياتها، فتستوقفك لتتأمل وتتذوق العبارات..فهى تتسم بالرشاقة وتدفق الأحاسيس والمشاعر.

إن العمل الفنى الجيد هو الذى يدخلك إلى درجة التعجب أو الاندهاش أو يجعلك تثير السؤال تلو السؤال تجاه العمل..وهذا ما تميزت به زيزيت سالم خلال مجموعتها، فكل قصة تجعلك تندهش وتتساءل، ومن ثم ترى الأمور بأشكال عدة أو بسيناريوهات مختلفة.. وهذا الأمر يدل دلال واضحة على تمكن الكاتبة من امتلاك أدواتها بشكل وجيد..وهذا الامتلاك للأدوات يجعل المتلقى يشعر بالألق والجمال.

ما أقصى أن تتعملق فى داخلنا الرؤى والأحلام والتخيلات وتصل إلى عنان السماء، نظن أنها ستحقق لنا أمانينا ورغباتنا..لكن ما نلبث أن نفيق من كل ما تخيلناه لنجد أنفسنا فى مهب الريح مثل أوراق الشجر وقت الخريف..ثم تكون النتيجة هو التدمير..تدمير كل ما أنتجته وأثمرته الذات عبر رحلة سنين..تلك الممرضة التى أحبت الطبيب ونسج خيالها كل الأحلام..لذلك دمرت حياتها وطلقت كى تتزوج من الدكتور وليد..ثم ما يلبث أن ينتهى الأمر بالكارثة وتفيق بعد أن رحل كل شىء وأصبحت مجرد حطام..تلك الحقيقة يمكن أن نستقيها من القصة المعنونة (عرائس السكر). وتبدأ قصتها بدفقة شعورية جمالية حيث تعطى البحر العديد من الألوان التى تعكسها حالتها النفسية. «أمام شاطئ البحر، ترقد بجوارى حقيبة ممتلئة بملابسى وبعض أشيائي، إذ يتلون البحر بلون أفكارى وهمومي، فأحيانا أراه ازرق بلون الرضا، وقد يصير أخضر بلون الصبر، ونادرا ما يكون فيروزيا بلون الأمل، وإن احتوانى اليأس أراه رماديا بلون الحزن، وفى المساء يفترش الأسود بلون الانتظار». 

لحظة جمالية ترصدها زيزيت سالم..إنها لحظة التحرر..تحرر المرأة من قيود وجبروت وسطوة الرجل..تريد أن تجد نفسها، تريد أن تتنفس من داخلها وليس من خلاله..إنها تتناول قضية المرأة عندما تعود إلى ذاتها، وتعى وجودها الحقيقى الذى ينبغى أن يكون..إن المرأة الآن عليها أن تفهم أن وجودها يتحدد عندما تجد نفسها، وتحقق نفسها لا أن تعيش فى حالة من الحصار والخناق والتبعية والانسحاق..إن المرأة عليها أن تقول وتنفعل وتثور على الوضع غير الإنسانى المحصورة فيه بل ويتفننوا فى الإبقاء عليه سواء بطريقة العادات والتقاليد أو عن طريق مقولات جوفاء تأخذ شكل وصكوكاً اعتقادية يراد منها إبقاءها داخل السجن والقمقم.. وهو دليل واضح فى الواقع على ضعف الذكورة العربية بكل تأكيد..تقول فى قصة مانوليا: أعطنى حريتي، فأنت لا ترى سوى نفسك، إن لم أفعل كل شىء بطريقتك فأنا عاصية، إن لم أتكلم بلسانك فأنا متمردة، مللت كونى متهمة تدافع عن نفسها على الدوام، لم أعد أحتمل.

أيضا يمكنك التوقف عند بعض الجمل التى تحمل الكثير من الجمال فى الأسلوب أو الفكرة أو أنك تشعر فيها بانسيابية العبارة فتتدفق منها الحكمة والأسى والشجن..إلخ فمثلا فى قصة (مواسم الدمع).

سيغادرنى ولن يترك لى سوى الحنين، فربما تطلق الذكريات لحنها وتهون على فراقه، ولعل الشقاء يرتطم بأنين روحى المرتقب ويمنحنى ضجيجاً يعادل ألمى.

لا، لن أصمت، سأجبر لحن الغياب أن يكون مسموعاً فى خضم الوجع، لن أنتمى إلى زمان يدفن الفراق فى صمت، ويواريه دون ندم.

رحلة ممتعة مع كتابات زيزيت سالم والذى آمل فى المستقبل أن أتناولها بدراسة تحليلية وافية.. مع تمنياتى لها بالتوفيق والتألق دائماً.

--

 أستاذ الفلسفة وعلم الجمال أكاديمية الفنون