حكاوى
فى ظل الفساد الذى استشرى وساد وضرب بجذوره فى المجتمع خلال الخمسين عامًا الماضية، وفى ظل عدم تفعيل القوانين أو تعطيلها، وحتى لو هناك ألف قانون، لن يتم النجاح لاقتلاع جذور الفساد بدون تفعيل هذه القوانين.. فتطبيق القانون هو الفيصل الوحيد الذى يقضى على الفساد ويطهر البلاد من جرائمه ومصائبه. عندما قلت بوجود «لوبى» أو مافيا فساد إنما كنت أقصد أن هناك مصالح شخصية تلتقى وتتشابك أذرع هذا الفساد وتتصدى لكل ما تقوم به الدولة المصرية.
كنت قد تناولت من قبل ظاهرة انتشار المقاهى بهذا الشكل الفج وبدون الحصول على توضيح أو موافقة من الجهة الإدارية المختصة، وممارسة أبشع أنواع الجرائم بداخلها، وأنه ليست هناك جهة وحيدة هى من وراء ذلك، وإنما هناك عدة مصالح وجهات ووزارات اتفقت فيما بينها بقصد أو بدون قصد من أجل وجود المقهى.. والبداية من تحويل مثلًا جراج إلى مقهى، بموافقة الحى الذى يتبع المحافظةـ أى محافظةـ وموافقة إدارة الإسكان، والسياحة والبيئة، ولأن الفساد يسود كل هذه الجهات، وجدنا فى نهاية المطاف كارثة وجود المقهى.
كل هذه الجهات لو أنها تطبق القانون وتفعله ما رأينا أبدًا كل هذه الجرائم التى تمت، وما تفعله المقاهى حدث ولا حرج، حيث نجد مرتادى هذه الكافيهات من شباب صغير السن ومساخر ترتكب ولا تجد من يمنعها أو يحول دون وقوعها.. بالإضافة إلى تلويث الجو بالسموم الناتجة من الأدخنة، بالإضافة إلى إصابة الناس بالأمراض وخلافه.. أليس ذلك كله فسادًا فى فساد، وكل هذه الوزارات والهيئات تقف عاجزة عن تفعيل القانون وتطبيقه.. أليست هذه الجرائم تتم علنًا دون أن تجد من يمنعها أو يوقفها؟!
المقاهى تقام بدون ترخيص والجرائم تتم بداخلها، وعندما يشكو الناس، تتحرك أية جهة من هذه الجهات السابق ذكرها، فتغلقها لمدة أيام ثم «تعود ريمة لعادتها القديمة»، ما يعنى أن الفاسدين والمفسدين ينجحون فى مواجهة الدولة فى ممارسة أفعالهم المشينة.. أليس هذا الفساد يستحق من الحكومة أن تقوم بتطبيق القانون وتفعيله؟.. وأبسط الأمور فى القانون وقف هذا النشاط الذى يمارس إجرامًا فى حق البشر.. أليست هذه المقاهى تقوم بالحصول على مياه وكهرباء مدعمتين والدولة فى حيرة من أمرها لتوفير هذا الدعم؟ّ!.
المتأمل لهذه الأمور يدرك تمامًا أن هناك «هرجلة» واضطرابًا، وجهات حكومية تتراخى وتقف متفرجة على الجرائم ولا تفعل شيئًا ويظل السؤال: متى تقوى الحكومة فى مواجهة الفساد وأهله؟!