رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

مع استمرار تراجع القوة الشرائية للدخول مقابل تنامى الاحتياجات المعيشية لغالبية المواطنين، طفت على سطح الحياة الاقتصادية ظاهرة ما يعرف بالقروض الاستهلاكية.

هذه القروص فى ظاهرها الرحمة وفى باطنها العذاب، خاصة فى ظل غياب ثقافة مالية رشيدة لدى الكثيرين لاسيما مع سهولة إجراءات الحصول على مثل هذه القروض، وتعدد أشكالها بين تمويل مباشر أو بطاقات ائتمان وتنوع مصادرها بين البنوك والشركات، وأخيرا دخول التجار من الأفراد على الخط خاصة فى المناطق الريفية والشعبية فى المدن الكبرى.

فالمواطن الذى يستسهل الحصول على احتياجاته من خلال هذه القروض قد يجد نفسه متورطا فى سلسلة لا تنتهى من الأقساط تقضى على دخله المحدود، بل وقد تدمر استقراره الاجتماعى أو الوظيفى فى أحيان كثيرة عندما يعجز عن السداد وتطارده الجهات الدائنة.

وتقدر دراسات سوقية أن حجم هذه القروض يقترب من النصف تريليون جنيه فى الوقت الراهن، وهو رقم مرشح لمزيد من الصعود فى الفترة القادمة مع استمرار ارتفاع الاسعار وعجز الكثيرين عن شراء احتياجاتهم الضرورية، ما يدفعهم إلى دخول مصيدة «اشترى الآن وادفع بعدين».

صحيح ان هذه القروض قد تسهل حياة الناس فى اوقات محددة، لكنها على المدى البعيد تضر بالأفراد والمجتمع، ما يستلزم ضرورة وضع المزيد من الضوابط والقيود على هذه التمويلات، لاسيما فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تدق أبواب العالم كله وتأخذ فى كل بلد شكلا مختلفا.

وفى بلد مثل أمريكا التى يقوم اقتصادها على الاستهلاك السريع والاستمتاع بهذا الاستهلاك، بصرف النظر عن الاحتياجات الحقيقية للإنسان، أدركوا خطر القروض الاستهلاكية منذ زمن بعيد، ولكن لأن النظام الرأسمالى لا يمكن أن ينتعش دون دوران عجلة الاستهلاك بأقصى سرعة غضوا الطرف عن مثل هذه المخاطر، وتركوا المواطن هناك يعيش ليسدد ديون عشرات بطاقات الائتمان التى ترسلها له البنوك حتى باب منزله، فإذا ما توقف عن سداد ديون أى بطاقة توقفت حياته تقريبا، بل ربما يدخل إلى عالم المشردين،

لكننا فى مصر ولسنا فى أمريكا ولا نمتلك رفاهية ترك الحبل على الغارب لمواطنين هم فى الواقع نصف اميين حتى رغم الشهادات التى يحملونها ويتصرفون ماليا دون رشد كافٍ أو حسابات منطقية تتناسب مع مستويات دخولهم الحقيقية.

كما أن الاقتصاد المصرى لا يوفر فرصا لزيادة دخل المواطن بالقدر الذى يتيحه الاقتصاد الأمريكى الهادئ، أو يتيح الانتقال السريع بين الأعمال والمناطق الجغرافية بما يوفره ذلك من فرص ومزايا

وبالتالى يجب أن ننتبه مبكرا لمشكلة اقتصادية محتملة وهى مشكلة ستكون ذات أبعاد اجتماعية خطيرة تهدد استقرار الناس، ولنا فى أزمة الغارمات عبرة، فلولا التدخل الرئاسى لمواجهتها لامتلأت السجون بالغارمات ومع ذلك فإن ظاهرة الغارمات لم تنتهِ بل ربما تزداد وتتوحش فى قادم الأيام.