رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

فى مؤتمر مؤسسة رسالة السلام التقيت بالدكتورة.. آمنة نصير.. وسعدت بأنها أهدتنى كتابها (آمنة نصير ونصف قرن من العطاء) وهو يتناول مشوار حياة تلك المناضلة فى الساحة المصرية والعربية من أجل قضية الوعى والتنوير.. وآمنة نصير من رائدات التنوير.. فهى تمتلك رؤية تنويرية تجاه التراث مما يجعلها دومًا فى خلاف حاد مع كل الاتجاهات الإستاتيكية والمتحجرة والعابدة للتراث.. وهى وسط مؤسسة الأزهر فهى أستاذ فى جامعة الأزهر، وهى تمثل النور الساطع وسط الظلام المتكتل العميق والرافض للخروج للنور وللوعى والتفكير، حيث يذهب أصحاب هذا الفكر إلى تقديس كل ما قد قيل فى الماضى ويرون أن ما قد قيل هو كل الحقيقة، وأننا الآن لن نستطيع أن نصل لما قالوه وتلك كارثة فكرية بكل المقاييس، لأنها تعنى انعدام أى تقدم إلى جانب موت الوعى العقلى.. وهذا نفى التفكير ودور الفرد فى العصر الذى يعيش فيه، ومن المستحيل أن نقدس كل ما قيل ونعتبره هو الأساس الذى نسيّر عليه حياتنا، تلك كارثة بكل المقاييس.

والكتاب يتناول تلك الرحلة الطويلة والعريضة والمثمرة بكل المقاييس. ومن خلال صفحات الكتاب نجد أنها قدمت لنا فى حالك الأوضاع قناديل الأمل، وضربت لنا فى وقت الفتن أروع مثال للشجاعة والثبات فى وجه المحن، خاضت حروبها من أجل هذا الوطن بروح المرأة الصعيدية، وعقل عالمة العقيدة، وروح الفدائية المتفانية فى حب تراب هذا الوطن، وامتشقت سيف قلمها من أجل تصحيح المفاهيم عن ديننا الحنيف دون كلل أو ملل، ترد غيلة المتفيهقين، وتتصدر الصفوف الأولى فى كشف أستار الخراصين الذين جعلوا من الدين مطية والعوبة، غير آبهة بهجوم، ولا مترقبة لمدح أو ثناء، يفت فى عضدها أو يقلل من جهدها حتى رجاء المحبين لها المشفقين عليها أنها قد وفت نصيبها من الجهد والجهاد غير منقوص، وكانت فى كل ذلك حريصة على أن تبعد عنا لهيب حمم تلك المعارك، متحملة وحدها بصبر أيوب وعزم الصادقين تبعات كل معاركها دون حتى أن تتخفف من أعبائها فبلنا، بل كانت تحارب بيد، وباليد الأخرى تطعم، وتحنو وتراعى، وتعين كل من اتصل بها برحم أو عصب، أو بوشائج الصداقة وعشرة السنين.

علمتنا كيف يغار المرء على صحيح دينه، وعلمتنا كيف يزود المرء عن عقيدته السليمة، وعلمتنا كيف لا ينسى المرء فى أهله فى عز انشغاله بمعارك أمته. والدكتورة آمنة نصير بحكم نشأتها وبيئتها الريفية فيلسوفه وأديبة ومؤرخة ومتحققة وأستاذة جيل نادر المثل، فلقد تميزت من بين أقرانها بجمعها النادر بين الدراسة العميقة للفلسفة الإسلامية وعلوم العربية، وكان تحليلها للنصوص الإسلامية نموذجًا جيدًا فى خدمة النص، وتذليل ما فيه من غموض وتصحيح ما اعتوره من تصحيح أو تحريف، وبالتالى فهى بحق رائدة نسائية فى تحليل النصوص الدينية، يضاف إلى هذا أنها امرأة، فهى تستطيع أن تتفهم نفسية المرأة بحكم جنسها، حيث تمثل آمنة نصير التيار المتنور الذى يطالب بالنهوض بحال المرأة المصرية فى الحياة العامة.

الكتاب مشرق ومهم وهو وثيقة فى عمر الزمن لرائدة التنوير، وهى بحق تعد مثالًا يحتذى إذا كنا نبغى التنوير والوعى والإدراك العقلى السليم.

--

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون