رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

هناك شعور نفسى قاتل، إنه الشعور بالفقدان، فهناك الشعور بفقدان المعنى والمغزى لكل الأشياء المحيطة بالذات وهذا الشعور فى حد ذاته يصيب الذات بالملل والإحباط وفتور الهمة.

هناك الإحساس بفقدان الهدف وفقدان الطريق للذات، فالذات لا تعرف ما الذى تريده ولماذا وكيف كل ذلك غير موجود لدى الذات هو ما نطلق عليه فقدان الهدف. فالذات السوية هى التى تعرف إلى أين تذهب ولماذا تذهب وكيف تذهب.. إن تحديد الأهداف للذات يجعلها فاعلة ونشطة ومؤثرة.. ووجود الهدف هو الذى يجعل الحياة تتغير وتتبدل وتعتريها الصيرورة المستمرة.

ويلاحظ أن هذا الشعور فيه جزء قد يكون نابعا من داخل الذات.. وفى تلك اللحظة تحتاج تلك الذات إلى العلاج النفسي.. ولكن من الممكن أن يكون هذا الشعور نابعا من الجو العام فى المجتمع.. بمعنى افتقاد الرؤية وتغيم الأشياء داخل المجتمع وعدم احترام القانون، كل ذلك يؤثر بشكل سلبى على الذات فتشعر أنها فى حالة من التشتت والضياع واللا تحديد.

هناك إحساس يكاد يكون قاتلا هو الإحساس أو الشعور بفقدان الأمان والأمن وهذا الشعور يجعل الذات فى حالة من الفزع والرعب والخوف. وعدم الإحساس بالأمان يفقد كل شىء قيمته.. إن فقدان الأمان يمكن أن يؤثر فى الذات فسيولوجيا حيث يجعلها فى حالة ترقب دائم وانتظار للخطر المستمر، ما يجعلها فى حالة من التوتر والانفعال والشعور بعدم الأمان يجعلها تشعر بعدم الاستقرار.

الشعور بعدم الأمان يفقد الحياة معناها ويفقد الإنسان إحساسه بأى شىء.. فكل شىء يفقد معناه ومغزاه بل حتى الطعام نفسه يفقد مذاقه فى حالة عدم الأمان المحيط به.

هناك أيضا لحظة فقدان الانتماء.. عندما تشعر الذات أنها لا تنتمى لوطن أو لقبيلة أو لمكان أو لعقيدة أو لفكرة كل ذلك قاتل بالنسبة للذات، ففى تلك اللحظة يصبح كل شىء مباحا ولا أهمية لأى شىء. عندما تفقد الذات الانتماء يفقد كل شىء قيمته ومبرره وحيويته.

فقدان الانتماء يجعل الذات تشعر بالغربة والضياع والشعور الدائم أنها ذات مفقودة الصلة بأى شىء وتلك الحالة تجعل كل شىء مباحا.

هناك أيضا الإحساس بفقدان الحب.. فالحب هو القادر أن يحتوى الجميع ويقوى من العلاقات الإنسانية بينهم.. فقدان الشعور بالحب تشعر الذات بالوحدة التى ما تلبث أن ينقلب إلى حزن عميق داخلى قاتل.. وفقدان الحب يجعل السؤال شاخصا أمام الذات.. ما فائدة وجودي؟ وما أهمية وجودي؟ ولماذا لا ينتهي؟ فقدان الحب هو فقدان للحياة برمتها.

وفقدان الانتماء يشعر الذات بأنها مغتربة ومنفصلة.. وأنها تعيش فى اللامادى. إنها ذات مشلوحة من الحياة ومن المكان لا شىء يحتويها ولا شىء يؤويها ولا شىء يحميها إنه شعور بالهجران سواء الهجران المكانى أو النفسى أو حتى العقلي.

والحب هنا قيمة كلية إنه يعنى الحب للعمل، الحب للمنزل للوطن الحب السماوى والحب الأرضي.. إن الحب الذى نقصده هو معنى كلى شامل غير مقتصر على شىء جزئى محدد. والنظر إلى الحياة الإنسانية عامة نجدها تسير عن طريق ذلك الحب قد لا يلتفت إليه الكثيرون لكن فى الحقيقة هو جوهر الوجود برمته.. فالله فى السماء يحب كل خلقه هو يحب كل مخلوقاته وصنائعه.. والإنسان فى الأرض يحب الله فى السماء ويحب ذاته.. الحب جوهر يجده فى الأرض والسماء أيضا، وفقدان الحب جحيم لا يطاق.

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال - أكاديمية الفنون