رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

التوكتوك كائن غريب، هو مسخ التكوين.. وهو يشعر بكل الألم والضيق من وضعه.. ورغم ذلك يشعر أيضا بقيمة وجوده، وفى أحيان كثيرة يتعالى ويتطاول على الجميع!! الغريب فى الأمر أن الجميع إزاء هذا الأمر يقف عاجزا دون أدنى فعل أو حتى رد فعل.. وتركوه ينتشر ويتمدد ويتوغل ويفعل ما يحلو له تحت بصر وسمع الجميع هذا التكوين المسخى يشعر بذاته لأنه قادر أن يصل إلى كل مكان ومهما كان.. ففى المناطق العشوائية والضيقة نجده ينتشر مثل الصراصير فهو مثلا ينظر إلى كائن مثل الموتوسيكل باعتلاء شديد وشموخ لأنه يتمكن من أن يدخل إلى الأماكن الضيقة وفى نفس الوقت يحمل الكثير والكثير من الأشياء.

أيضا يحمل أفرادا أكثر تصل إلى ثلاثة أفراد بحمولاتهم.. معنى ذلك انه يتفوق على الموتوسيكل كثيرا وينظر بتعال للعربية، حيث انه يتمكن من التوغل وليس لديه أى درجة من الحساسية والتكبر.. فى حين العربية تشعر بالاعتلاء وتنظر نظرة احتقار إلى هذا التوكتوك.. لكن التوكتوك يعرف قيمة نفسه فهو لا يعير تلك الأمور أى أهمية بل يتعامل بتعال وشموخ يجعلان العربية تفر من أمامه تجنبا من أى تصرفات همجية وبلطجة لا تتحملها العربية ومن فيها.. التوكتوك كائن هجين لا يحب الالتزام.. لا يقنع بالنظام، ليس لديه أدنى درجة من درجات القيم.. بل قل انه يعمل جاهدا أن يهدم ويقوض كل مظاهر الالتزام والقيم والقواعد والقوانين، هو يعمل على تفتيت كل ما قد تعارفنا عليه من ثوابت وأسس ويجعل كل شىء فى حالة من السيولة والميوعة والانزلاق.. تلك طبيعة التكتك.

لكن المشكلة ليست فى تلك الدائرة الضيقة من وجوده وتعاليه الدائم والمستمر لكل من الموتوسيكل والعربية، ليس الأمر مقصورا على ذلك.. إنما تكمن المشكلة انه تمكن بشكل مذهل ومثير للدهشة والعجب والتساؤل أن ينفذ إلى التفكير وطريقة التفكير لدى الأفراد ثم لدى المجتمع بشكل عام.

بمعنى أنه لا يضع لنفسه أدنى المبادئ او الأسس فى حياته فكل شىء مباح وكل شىء ممكن لا شىء مستحيلا.. لا شىء ثابتا.. كل شىء يذهب ويجىء، بهذه الرؤية يهدم التكتك كل شىء داخل المجتمع.. فمثلا هو لا يلتزم بأى قواعد مرورية فهو يريد أن يدخل إلى هذا الشارع وهذا الزقاق وتلك الحارة.. إزاء ذلك هو يكسر كل القواعد لكى يحقق هدفه.. ومنطقية وجوده هى التى جعلته يفعل ذلك، فمثلا هو يريد أن تلك الحارة ولا سبيل أمامه إلا أن يكسر قواعد المرور فنجده ينحرف ويدخل ويتعطل أو ينتظر الجميع أن يمر ذلك الكائن العجيب (التوكتوك).. ومع الاستمرارية فى تلك الظاهرة تتحول إلى أمر مسلم به. فى البداية نجد نوعا من الممانعة والاستهجان والرفض، لكن مع الوقت يمر الأمر ويتعود الجميع ويصبح الأمر عاديا جدا ويتأقلم الجميع على ذلك الواقع. مشكلة التوكتوك أن الذهنية التوكتوكية أصبحت ذهنية مجتمعية، أى أن طريقة التفكير التوكتوكية تمكنت من أن تسود المجتمع بشكل عام فى ظل غياب الرؤية والاتجاه.. إن التوكتوك تمكن من تحطيم ذهنية الاتجاه والرؤية والقصدية والأساسيات.

---

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال - أكاديمية الفنون