رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

فى أيام الكورونا لعنة الله عليها.. أقفلت الأبواب أمام الجميع ومنعت نفسى من الخروج من بيتنا ولبست الكمامة.. وارتديت القفازات وكان إذا جاءنى أحدهم أقوم برشه بكافة المطهرات من رأسه حتى حذائه وأى عابر أمام بيتنا كنت أضعه تحت المنظار كما لو كان متهماً بحمل الفيروس حتى تثبت براءته ومع ذلك وجدت نفسى وقد حرمت من نعمة الشم.. وأدركت على الفور أن كل الاستحكامات ليس لها أى أهمية وأن الكورونا آتية لا ريب فيها وأنها سوف تزور الجميع وخصوصاً هؤلاء الحمبلية الذين يبالغون فى إجراءات الخوف ويمنعون من كل شيء والحق أقول أنها كانت أياماً أشبه بمن ينتظر الموت وهو يكاد يموت خوفاً من مجيئه.. كنت أندهش من كون أصدقاء العمر يعيشون بلهنية العيش ويطوفون الشوارع ويستمتعون بقاهرة المعز بعد أن قام الفيروس بإخلائها من مريديها وعشاقها.. كنت أضع يدى على قلبى خوفاً على حمدى حمادة الذى كان يقضى نهاره وليله متسكعا بين الأضرحة ومبانى القاهرة التاريخية ينقل لنا على الفيس بوك سياحة فى تاريخ مصر الأروع، وكنت أشعر بخوف على زميل العمر فى روز اليوسف إبراهيم خليل، وهو عندما كان رئيساً لتحرير روز اليوسف لم يتغير ولم يتبدل ظل وفياً لقاهرة المعز يمنحها كل أوقات فراغه فى الجمالية والغورية، وإن كان المولى عز وجل قد نجّا الأصدقاء الأعزاء من الكورونا.. فقد سقط إبراهيم خليل ضحية للخوف من حكم بالسجن لمدة عام واجب النفاذ فى قضية نشر، وداخ إبراهيم دوخة الأرملة وبحث عن مخرج لهذا الكارثة الكبرى التى لم يعرف لها مثيلاً طوال مشواره الصحفى ولكن الله ستر وتدخل زملاء أعزاء وتمت تسوية الأمر مع الخصوم.. ولكن إبراهيم فى خلال الأسبوع الذى علم به بأمر الحكم تحول إلى شبح لإبراهيم الذى أعرفه وعندما رأيته تصورت أن الكورونا ضربته هو الآخر. فقد خسر الكثير من الوزن وفقد راحة البال التى هى خير من كل كنوز الأرض ولكن وبعد انتهاء الكابوس عاد إبراهيم ليمارس حريته فى التنقل كما الفراشات غير عابئ بفيروس كورونا اللئيم.. أما ثانى الأصدقاء الذين ضربوا طناش للكورونا وتحدوها.. فكان الزميل الجميل سيد عبدالعاطى الذى يذكرنى دوماً بشخصية عمى أحمد طوغان رسام الكاريكاتير الشهير ورفيق رحلة عمر الولد الشقى السعدنى الكبير.. فهو متصالح مع نفسه ومع الآخرين لا يناصب أحداً العداء، تجده فى كل الأوقات قانعاً عاشماً فى المولى عز وجل راضياً مطمئناً بأنه ليس فى الإمكان أحسن مما كان.. ظل سيد عبدالعاطى يمارس طقوسه دون أن يعمل أى حساب للكورونا ولله الحمد مضت به الأيام بخير.. وأما الذين ضرتهم الكورونا فقد كانوا مثل حالي. إذا سمعوا أن أحداً أصابته الكورونا امتنعوا من لقائه واكتفوا بالكلام فى الموبايل وكمان من خلال «الإسبيكر» وجدت أستاذى مفيد فوزى مريضاً بالفيروس اللعين.. ومفيد فوزى بالنسبة لى هرم صحفى ضمن كتيبة مبدعى صباح الخير أيام الزمن الأجمل.. والعمل معه كان متعة بالتأكيد سوف أكتب تفاصيل هذه الأيام الرائعة، وجدت مفيد فوزى مع حفظ الألقاب قد تأثر وانحبس الصوت الذى طالما أسعدنا فى الإذاعة والتليفزيون، الصوت الذى أصبح ماركة مسجلة على الجودة، إذا تصدر مفيد فوزى الحوار مع أى شخصية فإنك ستجد نفسك تسبر أغوارها وتتعرف على كل تفاصيلها بل ربما يتعرى صاحبها أمامك وكأنك تعرفه منذ أيام الرضاعة.. أما إذا تحدث الأستاذ.. فإنك لا بد وأن تتعلم فضيلة الإنصات، لأنه سيقوم باختيار كلمات ما كان لها أن تجتمع ويقوم برصها وكأنه صايغ يقوم بجمع أحجار كريمة ويزين بها قطعة فنية مبهرة تخطف الأبصار. هذا الصوت المتدفق بقوة وتلك النبرات التى تدفعك للاستسلام التام والصمت الزؤام.. فجأة.. اختفى وأصبح الصوت شبحاً للصوت الأصلي.. أدركنى الخوف على أستاذى الذى تعلم منه جيلى الشيء الكثير وذات يوم وجدت رسائل صوتية لكى أطمأن بأن الحياة تسير وأن التحسن بطيء، ولكن طالما هنا تحسن فهذه أشارة فى منتهى الأهمية.. ومنّ الله بالشفاء على الكاتب الكبير وأسعدنى عودة الأستاذ إلى الكتابة وإلى الكلام.. ومنذ عدة أيام اتصل بى ليطمئن على حالتى، فقلت له إنى سعيد أولاً.. لأنه انتصر على المرض، فبداخل مفيد فوزى مقاتل من طراز عنيف لا يمكن أن يستسلم أبداً.. قلت للأستاذ عندما زارنى الفيروس تذكرتك وقلت كيف واجهت هذا الألم الذى لم أر له مثيلاً؟.. فقد أحسست أن الفيروس جاء ومعه ثلاثة.. حداد.. ومكوجي.. ورجل فيل الأول كان يحطم بمطرقته كل عظامى والمكوجى يكوى كل جلدى ورجل الفيل اختارت لصدرى محلاً للراحة.. كنت أنتظر الرحيل فى كل لحظة.. تبدلت أحوالى بشكل لم أعهده من قبل.. وهنا أيضاً تذكرت حبيبتى النجمة التى صاحبتها الأضواء منذ أول ظهور لها وأحبتها فرافقتها حتى الآن يسرا أصابها المرض أيضاً وهى تعانى مثل حالى من حساسية صدر، ولكن المقاومة داخل يسرا وعشق الحياة كانت أقوى من أى تأثير للفيروس اللعين وتحملت الجميلة الرقيقة المرض بنفس راضية بما قسم الله وتحقق لها الشفاء بفضل عناية الله أولاً.. ثم بفضل الأطباء بعد ذلك وبمناسبة السادة الأطباء.. اسمحوا لى أن أنحنى احتراماً وتقديراً لجميع العاملين فى المجال الطبى. أقول هذا الجيش الأبيض وبعد أن تغور الكورونا فى داهية بعون الله ينبغى على الرئيس والدولة أن تكرم هؤلاء جميعاً وأن نقيم نصباً تذكارياً لهؤلاء الذين سقطوا وهم يحاربون المرض الذى أصاب غيرهم.. تحية إعزاز وتقدير لجميع الأطباء والممرضين والعاملين بالمجال الطبى، أما حضرات الأطباء والممرضين من الأصدقاء الذين تحملوا كل مخاوفى ورعبى من المرض اللعين الدكتور عمر عبدالوهاب أستاذ الباطنة ونائب رئيس اتحاد أطباء السكر العرب كان معى على مدار الساعة يطمئن على حالة جميع أفراد القبيلة السعدنية.. وكنت والحق أقول أجده فى كل ساعات الليل والنهار.. وبالطبع الدكتور والنجم المتألق الصاعد فى مجال الصدر د. مصطفى الشاذلى الذى أدرك منذ زمان بعيد أننى أصاب بالفوبيا إذا ما مس الصدر أى ضرر لا سمح الله.. كان الدكتور مصطفى الشاذلى يتابع أحوالنا على مدار اليوم وأيضاً الصديق الجميل الدكتور نادر حليم جريس ابن أحد عباقرة الجراحة فى مصر الدكتور حليم جريس وهو خريج أول دفعة فى الطب فى مصر، وكان والده صديقاً حميماً للولد الشقى السعدنى الكبير وعند مستشفى الأنجلو أجد دائماً الرعاية الأفضل والعناية المثلى بفضل الدكتور نادر الذى طمأننى بأن هناك حجرة مجهزة بكل ما يلزم إذا بلغ الأمر حداً يحتاج رعاية طبية فائقة.. ووجدت طبيباً عبقرياً اسمه الدكتور صلاح كان خير هادى لى مع بقية الأطباء أثناء محنة الكورونا.

بقى أن أذكر الجانب الإيجابى من الكورونا.. بمجرد أن بدأ الكورونا يغزو جسدى أدركت أنها ربما تكون النهاية وساعتها سارعت بالاتصال باثنين من زملاء العمر أخويا محمد الصباغ وأخويا كرم جبر، والحق أقول إننى لم أشعر بعد الصلح أننى كنت على خصام أو خلاف معهما فى أى وقت.

ربنا يديم المعروف