حل علينا شهر رمضان المبارك منذ أيام بخيره ويمنه وبركاته، وأيضاً مسلسلاته التي للأسف عاماً تلو الآخر نجد تراجعًا في الذوق، رغم محاولات رجال الصناعة الدرامية تقديم أعمال رائعة، والتي تبرز ملاحم وطنية نفخر بها جميعاً، ولكن في المقابل للأسف نجد مسلسلات تظهر على شاشاتنا في شهر رمضان، لما بها من محتوى غير لائق وغاب عنه الذوق العام والأخلاق التي اعتاد عليها الشعب المصري.
مسلسل «ملوك الجدعنة»، يظن البعض من اسمه أنه يروج لفكرة الجدعنة والشهامة، والحقيقة أن ما نشاهده لا يمت للواقع بشيء وليست له علاقة بالشهامة أو الجدعنة من الأساس، «هل الجدع والشهم في مصر الآن من وجهة نظر القائمين على الدراما مّن لا يترك سيجارة الحشيش والساطور والسنجة من يده؟».
أنا لا ارى ملوكا جدعنة فيما يتم تقديمه في العديد من المسلسلات، ورأينا فيما يسمى بـ «ملوك الجدعنة» اثنين يرتديان سلاسل وملابس مفتوحة الصدر مثل البلطجية، ماذا يريد المخرج أن يصور لنا؟، هل هي محاولة لإجبارنا على الاعتراف أن مثل هذه النماذج هي الجدعنة والمرجلة في مصر، وبعد انتهاء المسلسل، نشاهد نسخا مكررة على الكورنيش وفي كل مناطقنا وشوارعنا.
والملاحظة الهامة المثيرة، أن كافة المسلسلات والبرامج التي تعرض على قناة محددة خلال شهر رمضان جميعها تدعو لترسيخ أفكار محددة عن المجتمع المصري ليست بالواقعية إطلاقا وبها الكثير من المبالغات بحثا عن التريند وصراع السوشيال الميديا اللعين.
لا أعتقد أن دور الدراما هو تصدير أفكار بلطجة للشباب والأطفال، ومحاولة تصويرها في شكل جدعنة، للأسف المسلسل الذي دخل البيوت في رمضان يدعو لترويج الأفكار الهدامة في المجتمع، ولنا عبرة في أفلام الألماني وعبده موتة وغيرها من الأعمال التي ساهمت بشكل كبير في زيادة الجرائم.
لم نعد نفتح شاشة التلفاز فى رمضان ونجد فى المسلسلات الناس البسيطة مثل الشعب المصري البسيط، لماذا يصر هؤلاء على تشخيص المجتمع وكأنه مجموعة من البلطجية والمجرمين، حتى المرأة المصرية التي ضربت أروع الأمثلة يتم تصويرها في المسلسلات بشكل منحرف، هل الدراما الإجتماعية يجب أن تكون سفالة وقلة أدب ؟.
الجدعنة الحقيقية هي التي نشاهدها في الأفلام والمسلسلات التي تجسد الملاحم الوطنية والبطولات الحقيقية، والتي تم تجسيدها في أكثر من مسلسل لهذا العام، وعلى رأسها مسلسل «الاختيار 2»، الذي يجسد البطولات التي تقوم بها الدولة ممثلة في وزارة الداخلية لحماية أمن ومقدرات الوطن، ومسلسل هجمة مرتدة، والقاهرة كابول، وغيرها من المسلسلات .
وهنا يجب توجيه رسالة للقائمين على صناعة الدراما في مصر، بضرورة تشديد الرقابة على الموضوعات التي يتم تناولها من خلال المسلسلات التي يتم عرضها على الشاشات لجمهور المنازل، مع ضرورة العمل على إحياء وإعادة التقاليد والقيم المجتمعية التي تربينا عليها .
الفن رسالة لإعلاء القيم وليس الانحطاط ولا يجب أن نعلق أخطاءنا علي شماعة الواقع، فهذا ليس الوقع الحقيقي، ولا يصح أن نُعلم أبناءنا الألفاظ البذيئة وانحطاط الأخلاق ونقول هذا هو الواقع الذي نعيشه، في الماضي كان مسلسل ليالى الحلمية أعظم دراما اجتماعية ولم يكن بها مشهد يسيء للمجتمع ولا كلمة واحدة خارجة، ولكن ما نشاهده الآن لا يمكن أن يندرج بأى شكل من الأشكال لـ «ملوك الجدعنة» الحقيقيين الذين نعيش معهم ، ورأينا على مدار الفترة القصيرة السابقة ملوك الجدعنة الحقيقيين في كل محنة وكبوة يتعرض لها الوطن الغالي. رأيناهم في سوهاج وفي طوخ وفي قناة السويس، وفي كل مكان في مصر، في الوطنية والجدعنة الواقعية الحقيقية.