المصائب لا تأتى فرادى، صدمة القطار فى سوهاج، قبلها صدمة شحط السفينة فى القناة، إلى انهيار عمارة جسر السويس، فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ..
بعد التعزية الواجبة والتعويضات المقررة، وبزيادة، أثق تمامًا فيما قرره الرئيس عبدالفتاح السيسي: «كل من تسبب فى حادث قطارى سوهاج سينال الجزاء الرادع».
لن نستبق تقرير المستشار «حمادة الصاوى» النائب العام المحترم الذى عاين موقع التصادم بين القطارين بنفسه، على رأس فريق من المكتب الفنى، وأصدر بيانا فيه من التوجيهات الصارمة بشأن سير التحقيقات، ما يشى بأن التحقيقات ستكون معمقة، مدعومة بلجنة فنية هندسية على مستوى عال من الاحترافية، وسنلتزم تماما ببيان النيابة العامة بعدم الخوض فى أسباب وقوع حادث تصادم القطارين بسوهاج، إذ تتولى النيابة العامة التحقيقات لكشف حقيقة أسباب وقوعه.
خلاصته.. الأرواح التى دهست بين القطارين لن تذهب دماؤها هدرًا على القضبان الحديدية، ولن يفلت المتسبب فى الكارثة من العقاب، ودراسة الأسباب ستنتهى بنتائج محققة تضع النقاط فوق الحروف التى تمزقت أشلاء على طول الخط، ما يمكن البناء عليها لتلافى مثل هذه الكوارث مستقبلاً، ماضى السكك الحديدية للأسف غارق فى الدماء، ونزيف ضحايا القطارات آن له أن يحقن بتفعيل التكنولوجيا ومواصلة خطط التطوير والتحديث التى صدمها القطار المنطلق بلا عقال!
أقول قولى هذا وموقن أن الكارثة (كالعادة) ستستخدم سياسيا من منابر عقورة لتأليب الطيبين وتسخينهم على حكومة المهندس مصطفى مدبولى، حكومة تعمل تحت وطأة جائحة خربت الاقتصاد العالمى وكلفتنا مليارات من لحم الحى، حكومة تجتهد ولكن يصادفها عكوسات عاتية.
للأسف يهتبلون المصائب، فرصة أقصد مصيبة.. وسنحت.
ومن خلال صفحات إلكترونية ممسوسة، يتشكل تيار فى محاولة الإطاحة بوزير النقل المحترم كامل الوزير، وتعليق الكارثة فى رقبته كما هو متبع فى الحوادث التى سبقت، كل حادثة بوزير، وكل قطار سريع يطيح بوزير، معلوم هناك مسئولية سياسية، ولكن رفقا بالوزير الذى يسعى سعيا حثيثا لإصلاح ما أفسده دهر من التقادم على خطوط السكك الحديدية.. كل الدعم للوزير كامل الوزير، سيخرج من المصيبة بدروس مستفادة تكبح القطارات على السكك الحديدية.
تاليًا ستنعقد المناحة المزمنة، وسيتخلق المرجفون حول قصعتهم، يتكالبون تكالب الأكلة على قصعتها، وينهشون فى لحم الوطن بحديث مخاتل، حديث الأولويات يسرى، وكان أولى الإنفاق على تحديث وتطوير البنية الأساسية للسكك الحديدية القديمة بدلا من الإنفاق على السكة الجديدة، وهكذا يتحلق المرجفون فى مندبة ممنهجة مكرورة من حول جثث الضحايا ولهم فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ.
ليس سرًا أن السكك الحديدية فى صدارة أجندة الأولويات الحكومية، وتم رصد وإنفاق 225 مليار جنيه لتحديث المرفق، وأعلنت وزارة النقل فى بيان رسمى لها فى ديسمبر الماضى عن دخول برج إشارات «طهطا» الخدمة، وكذلك المنطقة الأتوماتيكية بين برج إشارات طهطا وبرج إشارات المراغة الخدمة بإجمالى ١٢كم، وذلك ضمن مشروع تطوير نظم الإشارات على خط سكة حديد «أسيوط - نجع حمادى» والبالغ طوله ١٨٠ كيلومترًا.
حديث الأولويات مكرور كما نقول أو مجرور من عنقه فى لى أعناق عنوة، ولسنا من المجترين، والمجترات (حيوانات الرعى ذات الظلف المشقوق التى تبتلع الطعام ثم تستعيده من غرف المعدة لتعيد مضغه).
محزن أن تستغل الكارثة فى شغل سياسى ممجوج، ويخرج علينا استباقا طائفة من المرجفين بحديث مخاتل عن الأولويات المهدرة على قضبان السكك الحديدية، هذا من العبثيات السياسية فى مأتم يستوجب العزاء.
منذ وقوع التصادم، وقبل أن نفيق من هول الكارثة، وقبل أن ترفع الجثث من على القضبان، وحديث الأولويات سارح فى الفضاء الإلكترونى، حديث الإفك، التربص بمشروع «مصر الجديدة» على أشده، ومنذ أن نطق بها الرئيس السيسى فى «يوم الشهيد»، والجماعة لا على حامى ولا على بارد، نار شبت فى قلوبهم المريضة، الغرض مرض، يشمتون فى مصائب الوطن، مهلاً أيها الشامتون، مصر تنهض من كبوتها، وستمضى قدما بحول الله وقدرته، محروسة بعين من لا يغفل ولا ينام، واوعوا تنسوا.. ياما دقت على الراس طبول!