رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

آفة الصحافة

كم هى قاسية تلك الغربة اللعينة بعيداً عن الأهل والأحباب.. كم هى موحشة حينما ينتزع الموت صلة من أرحماك أو عزيزاً عليك.. وقد أضيف لقسوة البعد عن الأرض الطبيعية التى ولدنا عليها آفة كورونا ذلك الوباء اللعين.

فى هذه المحن نحتاج إلى دعم يعننا على الصبر وعدم الجزع، وهذا ما كان يحرص عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقلما حدثت وفاة فى عصره إلا وكان حاضراً مع أهل الميت يذكرهم بالله، ويحاول أن يخرجهم من أزمتهم بتعظيم أجرهم إذا صبروا.. فكان يعلمهم أن يقولوا عند المصيبة ما يصبرهم- بل يعوضهم خيراً- فى الدنيا قبل الآخرة..

وقالت راوية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنه كان يقول: «ما من مسلمٍ تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها».

شاءت الأقدار أن مات كل من والدى وأمى وثلاثة أشقاء وأنا فى مهجرى ولم يبلغنى أحد عن حالة الوفاة إلا بعد مرور عدة أسابيع على حدوثها اعتقاداً منهم أن هذا يخفف عنى مصيبتى، ولا أدرى هل كانت تقديراتهم وقتها فى محلها من عدمه، لكن ما أشعر به بعد مرور سنوات طويلة هو ذات الألم الذى أشعر به الآن.

مع الفارق فى أنه على الرغم من أننى علمت بوفاة شقيقتى بعد ساعات قليلة بمكالمة هاتفية من القاهرة زلزلتنى، إلا إننى هذه المرة علمت ولكن لا أستطيع السفر من هولندا إلى مصر لأتقبل العزاء فى فقيدتى، حيث يتطلب السفر عمل اختبار BCR الطبى للخلو من مرض كورونا، ولا بد أن لا يمر عليه 72 ساعة قبل ميعاد السفر، وهذا الأمر شبه مستحيل، إضافة إلى أن حالة مسارات الطيران قليلة جداً.

لتجتمع الآلام حيث تحاصرنى ذكريات فقدان أرحامى، وتقفز عليها اليوم آفة كورونا اللعينة تمنعنى إجراءاتها من تقبل العزاء شخصياً فى وفاة شقيقتى التى توفيت بعد صراع مع ذلك الفيروس القاتل الذى أصاب البشرية فى مقتل.

حقيقة إننا نؤمن بقضاء الله وقدره، وأسترجع الآية الكريمة من سورة النساء: (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا)، لكننا بشر ضعفاء فقد هزمتنى كورونا وقسوة الاغتراب ومصيبة الموت.. الحمد لله.