مسافة السكة
نسمع كثيرًا ان الدول الغربية أكثر تقدمًا من الدول العربية ولكن الحقيقة أن هناك تطبيقاً لمبدأى الجزاء والعقاب، وفى حقيقة الأمر مصر بها قوانين كثيرة لا حصر لها ولكن العبرة ليست بكثرة القوانين بل بتوافر آليات تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع، وفى حقيقة الأمر أن القوانين شُرعت لتنظيم العلاقات بين الأفراد بعضها البعض، وأن يقتص المجنى عليه من الجانى، ولكن ما يحدث هو تخاذل المجنى عليه فى السعى لأخذ حقه من الجانى.
وفى نهاية الأمر نُعيب فى الدولة وندعى غياب العدل بل الحقيقة هى تخاذل البعض عن الحق والسعى له، فهناك مقولة «من آمن العقاب أساء الأدب»، هذه الحقيقة فنحن من نتسبب فى ضياع حقوقنا ثم نُصيح بأن لا هناك عدل! نعم هناك بطء فى الإجراءات ويستغرق جلب الحق بعض الوقت ولكن هذا لا يمنع من أن فى النهاية الأمر من يسعى وراء حقه سيحصل عليه! فالبعض يقول إن هناك فوضى ولا هناك نظام ولا هناك قانون ولا مجال لتطبيق العدالة فى مجتمعنا! وهذا لسبب بسيط وهو تنازل البعض عن حقه والبعض منا ينتابه الخوف وهناك من يُكسل فى السعى للحصول على حقه بحيث وصلنا فى نهاية المطاف الى غياب مبدأى الجزاء والعقاب!
فترك الحق مع الوقت سيصبح حقاً وواجباً لمن سلب حقك! فى الدول العظمى كلنا نشير لمدى تقدمها وإنسانيتها، فمثلًا فى دولة فرنسا قرأت عن شخص اتصل بالشرطة يشتكى أحد الجيران بسبب الضوضاء التى يتسبب فيها جراء سماعه أغانى بصوت عالٍ ثم تأتى الشرطة وتُطالبه بخفض الصوت! مثل هذا الخبر البعض يقرأه بشىء من السخرية ونظنه تافهاً ولكن هذا حق إنسانى. أو ما نقرأ عنه من تنظيم المرور بالدول المتقدمة، فنحن نملك القوانين التى تعاقب على جرائم المرور ولكن لا أحد يلتزم بالقانون ولا أحد يشكو من يُخالف القانون فضاع مبدأى الجزاء والعقاب! تركنا حقنا فتفاقم فأصبحت فوضى!
فهل يعلم البعض بأن العقاب على الجرائم الإنسانية متواجد فى مصر ولكن لا يسعى الضحية للشكوى واللجوء للقضاء!هل يعلم الجميع بأن لو سعى الكل لأخذ حقه لأصبحنا دولة متقدمة فى مجال تطبيق العدالة! هل يعلم الجميع بأننا نحن كشعب من نصنع دولة متقدمة أو نجعلها نامية !هل يعلم الجميع لو توقفنا عن إهانة دولتنا وسخريتنا من كل شيء بها لانتهينا من سياسة المنع التى تقوم دائمًا الحكومة بها عندما تعجز عن حل المشكلة! هل يعلم الجميع بأن كل شيء يعكر صفو حياتنا ويجعلنا نشعر بالاشمئزاز من بلدنا ونرغب فى الهجرة حيث العدالة والانسانية نحن من تسببنا فيه! فجميع الجرائم التى نسمع عن عقاب الدول المتقدمة عليها مُعاقب عليها فى مصر ولكن نحن من تقاعسنا عن أخذ حقنا وتهاونا فيه! بخلاف جرائم الانترنت التى نشاهدنا يوميًا فهذا يسخر من ذاك وهذا يهدد هذه وهذا يَسِب الآخر كل ذلك مٌعاقب عليه قانونًا، لو فهم الجميع القانون لتوقف عن عمل لايك وشير وكومنت بلا تفكير، فالقانون يعاقب حتى على تشيير الجريمة!
فمن يَسُب الآخر على الملأ ويشعر بأمان من عدم معاقبته! لو تقدم المجنى فى حقه ببلاغ لتم معاقبة الجانى ومن شيّر ذلك السب ايضًا يُعاقب! فمن تعمد إزعاج أو مضايقة الغير باساءة استعمال أجهزة الاتصالات، أى فعل يضيق به صاحبه يعاقب عليه القانون، فترك رسائل مزعجة أو أخبار الزوجة كذبًا بإصابة زوجها كذبًا، وأيضًا المعاكسات التى نتعرض لها يومياً !وما شابه كل ذلك يعاقب عليه القانون، فلا ينقصنا القوانين بل ينقصنا تطبيق القانون وتَقدُم شكوى المجنى عليه، فلو بدأ كل منا بذلك، أى بتقديم شكوى عند تعرضه لأى أذى نفسى قبل أن يكون بدنياً، ولا يخاف من اللجوء للعدالة بزعم الخوف من الفضيحة أو التشهير فبالتأكيد سنصبح دولة انسانية عظيمة قبل أن تكون متقدمة ولقلت عدد الجرائم غير الإنسانية ولم نحتج حتى لقانون بعد انتشار الإنسانية، فما ينقصنا بحق الإنسانية!