رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم مصرية

بعد أن استقرت الأمور قليلاً، وأصبح محمد على باشا هو الحاكم الأقوى لمصر وبالذات بين عام 1811 و1820 جاءه كبير الأرمن الذى كان يساعده، بعد أن اختاره محمد على- وهو بوغوص بك- ليكون ناظراً للتجارة والأمور الخارجية، أى وزير التجارة والخارجية.. وقال له إن كتاباً يعاد طبعه «الآن» فى أوروبا وضعه مؤلفه واسمه ماكيافيلى عام 1513 لكنه نُشر للمرة الأولى عام 1532 ويحوى نصائح عديدة للحكام والأمراء وكيف يسيسون أمورهم ليسهل لهم حكم بلادهم.. وهو كتاب «الأمير» خصوصاً أن مؤلفه سياسى ودبلوماسى إيطالى عمل فى بلاط أسرة ميديتشى فى فلورنسا.. وكان مبعوثاً لها للبلاط الفرنسى والنمساوى وغيرهما.. ولما كان محمد على قد واجه مشاكل عديدة وهو يحاول تثبيت دعائم حكمه فى مصر وحارب العديد من الأعداء..

هنا طلب منه محمد على أن يتولى ترجمة فصوله العربية، ويقدم له الترجمة أولاً بأول.. وما أن قرأوا له هذه الملازم الأولى حتى ضحك محمد على وهو يضع الملازم بجواره فى قصر الجوهرة، وكان مقر الحكم فى القلعة.. وقال لبوغوص بك.. يا عمنا هاتولى ماكيافيلى هذا لكى ألقى عليه دروساً عملية فى أصول وأساليب الحكم.. أى أننى أعرف أكثر من ماكيافيلى هذا فى كيف تدار الأمور، وكيف تحكم البلاد.. وكيف يواجه المشاكل.

وكانت حكاية طويلة تداولها رجال محمد على.. تعبيراً عن قدرته فى تخطى المشاكل وكيفية مواجهة أعدائه إلى أن خلا له الجو تماماً!

ومؤلف كتاب «الأمير» هذا الذى ما من حاكم فى زمانه إلا وقرأه وتعلم منه، وأصبح دستوراً وأسلوباً للحكم.. هذا المؤلف وهو نيقولو ماكيافيلى ولد فى فلورنسا- وهى من أشهر إمارات إيطاليا فى العصور الوسطى عام 1469.. وعاش حتى عام 1527 وأصدر العديد من الكتب وكان «الأمير» أبرزها لأنه يضم أفضل النصائح لأساليب الحكم.. ولكنه لم ينشر فى حياة مؤلفه خشية ما فيه من آراء.. بل تم نشره عام 1532 أى بعد خمس سنوات من وفاته. وكان والده محاميا مشهوراً واتصل وابنه هذا بأسرة ميدتشى الحاكمة فى فلورنسا.. وربما لا يتذكر من قرأه إلا تعبير «الغاية تبرر الوسيلة» أى مبدأ استخدام أى أساليب- ولو كانت غير أخلاقية- ليدوم لك الحكم.. بل صار هذا التعبير مرادفاً لاسم المؤلف وصار مثالاً للأعمال السياسية البعيدة عن الأخلاق وأصبح ذلك من أهم مبادئ الحكم فى العصور الوسطى.

وربما قال محمد على «وسخر» من هذا الكتاب ومؤلفه لأنه طبق ذلك حتى قبل أن يضع ماكيافلى كتابه هذا، عندما دبر أشهر مذبحة فى تاريخ مصر الحديث.. هى مذبحة القلعة يوم الجمعة أول مارس 1811، ولقد واجه محمد على العديد من المشاكل حتى استتب له حكم مصر.

< وكان="" عدد="" أعداء="" محمد="" على="" كثيرين-="" من="" زعماء="" المماليك..="" وكان="" لكل="" منهم="" قواته="" وجنوده="" ومنهم="" من="" كان="" يسيطر="" على="" «مديريات»="" كاملة="" ويهدد="" حتى="" بيت="" محمد="" على="" نفسه.="" وحارب="" كل="" هؤلاء="" بدهاء="" منقطع="" النظير،="" وكان="" يضرب="" منافساً="" بمنافس="" آخر..="" حتى="" إنه="" واجه="" أيضاً="" محاولات="" الإنجليز="" لاحتلال="" مصر،="" ونجح="" محمد="" على="" حتى="" صار="" أطول="" حكام="" مصر="" عمراً="" فى="" الحكم="" منذ="" العصور="" الفرعونية..="" وهنا="" يستحق="" أن="" نطلق="" عليه:="" ماكيافلى="" مصر="" ليعطى="" دروساً..="" حتى="" لماكيافيلى="" نفسه،="" ومن="" يقرأ="" تاريخ="" محمد="" على="" يعرف="" لماذا="" يستحق="" أن="" يصبح="" هو="" ماكيافيلى="">