مع وصول الدكتورة «هالة زايد» وزيرة الصحة إلى «بيروت»، هبطت ثلاث طائرات مصرية إلى مطار «رفيق الحريرى الدولى»، مُحملة بالأدوات والمستلزمات الطبية والحليب المخصص للأطفال، إلى جانب أجهزة ومعدات طبية معونة مصرية لشعب لبنان الحبيب الذى يعانى تحت وطأة الجائحة.
واجب مصرى مستوجب، من بلد عربى كبير يعرف الواجب، ويؤديه على وقته دون مَنًّ وَلَا أَذًى، ولا زفة إعلامية، ولا حكى عن الدور، ولا استعراض دولى، فقط وزيرة الصحة تطمئن على احتياجات الأشقاء.
ومن يغيث لبنان إلا إخوته، فالعرب إخوة فعليهم أن يواسى بعضهم بعضًا، ويشدوا عضد بعضهم بعضًا، وأن يعينوا إخوانهم على سد حاجاتهم، ويقول النبى عليه الصلاة والسلام: «مثل المسلمين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، فواجبهم التعاون فيما يعينهم على مواجهة الوباء وهذا من قبيل السهر والحمى.
جسر المساعدات المصرية لإخوتنا فى لبنان متواصل.. لم ينقطع، لا ينقطع نهر الخير من أهل الخير، ولو فى فم الفقير فى مصر يخرجها بطيب خاطر لأخيه فى لبنان، لبنان لها فى القلب محبة خالصة، ولم يتغن أهل لبنان مثلما تغنوا بحب مصر.
ومجددًا ينشط جسر المحبة بين القاهرة وبيروت، الجسر الجوى الذى وجهت مصر بإنشائه منذ اللحظات الأولى التى أعقبت انفجار «مرفأ بيروت» فى الرابع من أغسطس الماضى، دعمًا وسندًا وعونًا لشعب لبنان، دعك من السياسيين المحتربين، كل يبكى على ليلاه، ولا أحد يبكى على الشعب اللبنانى الذى يواجه الوباء بشق الأنفس.
مصر العظيمة لن تتخلى عن أشقائها اللبنانيين حتى يجتازوا محنتهم المتجددة تحت وطأة الجائحة، فى تجسيد لكلمات طيب الذكر «إسماعيل الحبروك»، وبصوت الراقية «نجاح سلام».. فى أغنيتها الخالدة «يا أغلى اسم فى الوجود.. يا مصر»
وتفوت عليكى المحن
ويمر بيكى الزمان
وانتى أغلى وطن
وانتى أعلى مكان
ومهما كان إنتى مصر
وكل خطوة بنصر.
مصر الكبيرة كبيرة قولًا وفعلًا، كبيرة رغم أنف المرجفين، مصر عظيمة، ومهما فاتت عليها المحن، ومر بها الزمان، وياما دقت على الرؤوس طبول، مصر كريمة تمد يدها للقريب والبعيد بالخير، بالمحبة، بالسلام، لا تجيد سوى لغة السلام، وقالوا سلامًا.
ورغم الجائحة، وضيق ذات اليد، والتحديات الاقتصادية القاسية التى كلفت الاقتصاد المصرى خسارة فادحة، لا تتأخر عن العون، متى تأخرت مصر وهى عنوان الكرم.
جسر المساعدات الجوية المصرى إلى أشقائنا فى بيروت يترجم أخلاقيًا بأن هذه دولة تتمتع بأخلاقيات إنسانية تعبر عن حضارة عظيمة، ودليل على المعانى المتجذرة فى هذا الشعب الصابر على المحن، وهو يناضل من أجل الحياة لا يشيح بوجهه عن أشقائه فى الجائحة ولا يتلهى عن الهم الإنسانى بضائقة اقتصادية، المصرى يطلعها من بقه ليشبع القريب والبعيد.
لا تطبيل ولا شخاليل، ولا بث على الهواء مباشرة، ولا حكى مكرور عن فيض كرم، ونفرة شفيق، هذا هو دور مصر، ومصر لا تتخلى عن دورها التاريخى.
مصر العظيمة يقودها قائد محترم يسير على قواعد أخلاقية حاكمة مستمدة من تراث عريق للدبلوماسية المصرية التى تتمتع بحس إنسانى راق، وتحمل الغرم ولا تتململ، ولا تضجر، وتحتضن المحبين بين ظهرانينا أبدًا لا تطلق عليهم لاجئين، خمسة ملايين عربى وأفريقى يعيشون بيننا، لهم فى مصر ما للمصريين، حقوق وواجبات، وجامعات ومدارس ومستشفيات وفرص عمل، يقتسمون اللقمة مغموسة بعرق العافية.
مصر الكبيرة يقودها رجل كبير بحجم مصر، وحجم مصر يقارن بالدول العظمى، وتسلك سلوك الدول المتحضرة، والمساعدات الإنسانية للبنان ولغيرها من دول الجوار كالسودان، أو فى الحوار الأفريقى، أو المتوسطى، وحتى الصين.. ليست مَنًّا، ولا يتبعها أَذًى، وليست بمقابل حاضرًا أو ننتظر مقابلًا مستقبلًا، بل هى كرم مصرى خالص، وما عرفت مصر إلا بالكرم، كما تغنى بعظمتها وكرمها صوت لبنان الفخيم وديع الصافى، من كلمات طيب الذكر احمد علام فى اغنيته الخالدة «عظيمة يامصر»..
عظيمة يا مصر يا أرض النعم
يا مهد الحضارة يا بحر الكـرم
نيلك دا سكر جوك معطـــر
بـــدرك منور بين الأمــم..