عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكاشفات

تحدثت فى مقالى السابق عن ماهية النضج، واستكمالًا لما طرحته سابقًا، أعرض عليكم هنا أسوأ ما فى النضج، نعم، فللنضج مساوئ ومعايب كما المميزات والمنافع.

ولكن قبل استطرادى لمساوئ النضج، أذكر لكم تلكما الحقيقة، وهى أنه مهما تزايدت مساوئ النضج إلا أنه يبقى الكنز الثمين الذى خرجنا به محفوظًا وسليمًا من دوائر صراعاتنا، فكان نتاج تجاربنا وحصيلة خبراتنا وخلاصة دروسنا المستفادة وليس من الوارد أبدا التفريط فيه، فهو العماد الذى تستند عليه للحفاظ على اتزانك التام وأعتقد أنك مطالب بذلك كونك إنسانا عاقلا، رشيدا ومتزنا.

وذكرت سالفا أن من أجل الحفاظ على حالة التوازن هذه للنفس فى صورتها الهادئة، كان ولابد أن تنتهج النفس بعض الصفات والتى قد يراها البعض سلبية ولكنها فى حقيقة الأمر صفات تحمل فى ذواتها وتضمر فى كياناتها ضمانات ثبات النفس وتأكيدات اتزانها واستمرارية هدوئها وعدم الإخلال بتوازنها.

وأعتقد أن الهدف من وراء تلك الصفات أن تسيطر على نفسك سيطرة كلية عقلية منطقية حتى لا تنحدر منك فى هوة سحيقة من الأزمات بعد دخولها فى صراع تلو الآخر.

وأول تلكم الصفات هى ألا تتصرف أبدا على طبيعتك، حقيقةً قد يبدو رائعًا ومريحًا جدًا فى أحايين كثيرة أن تتصرف على طبيعتك أو بالأحرى أن تكون على فطرتك بلا قيود غير فاقدٍ لأسباب براءتك أو مُسببات طيبتك، لكن إن فعلت ذلك فأنت فى خطر حقيقى.

فلا أضمن لك السلام والاتزان وسط هذا الكم الهائل من الكذب والزيف والمكر والنفاق والخداع والتلون، ولا تنس تلك الحقيقة الهامة أنك حتى لو كنت بريئًا فليس شرطًا أبدًا أن تضمن ألاّ يُؤذيك أحدهم، لم أقل بأن تفقد براءتك ولن أقل بذلك أبدًا، ولم أدع إلى أن تؤذى أحدًا، لا، أبدًا، كل ما أقوله، هو الاعتراف بأهمية سلامك الداخلى ووجوب الحفاظ عليه، ومن أجل ذلك يجب أن تتوخى الحذر وأن تتصرف بحكمة وتروٍ فى حدود أوامر العقل والمنطق حتى لا تتحول إلى النقيض وتخسر بالفعل كل براءتك وتفقد جميع أسباب فطرتك، حتى لا تلعن طيبتك أو تكره بساطتك حتى لا تفقد ضحكتك أو تستنفد طاقتك، حتى لا تندم على جميل أفعالك ولا تفقد ثباتك واتزانك.

وأيضا انعدام الثقة الكاملة بشكل كلى فى الأشخاص، القسوة بعض الشيء، قد لا تغفر بسهولة أخطاء الغير أو جُرحهم خاصة إن سبّب لك آلامًا نفسية شديدة، السرعة فى إنهاء العلاقات والهروب منها إن أثرت سلبًا عليك، تقليل عدد الفرص الممنوحة للغير، عدم تصديق أى كلام مرسل مسموع، وعدم تصديق من يتباكى أو يستعطف الآخرين (لغة الدموع)، أصبحت لا تعاتب كثيرًا، لا تحزن لخروج أحد من حياتك، لا تبالى، لا تشارك فرحك مع أحد كما الماضى لأنك قد لا تجد من يفرح لك، ولا تشارك حزنك أيضًا مع أحد، تحب الجلوس بمفردك، تتزايد لحظات صمتك وانعزالك عن الآخرين، أصبحت تشكو فى صمت وتحزن فى صمت وتفارق فى صمت، لا تريد التعرف على أشخاص جدد، لا تترك العنان لقلبك أبدًا بل تُلجمه وتشد لجامه دومًا بأمر من العقل، لا تطلب المساعدة من أحد حتى لو كنت فى أمس الحاجة إليها، تنسى أو تتناسى أو تتجاهل كثيرًا (مواقف وأشخاص وأزمات)، لا تشكو وجعك لأحد، اختفى شغفك بالكثير من الأشياء، ملأك بالكلية عدم الانبهار بأى شيء، فما عاد شيء يدهشك، تتخذ قراراتك فى منأى عن لغة العواطف والمشاعر، غابت سعادتك الحقيقية وسط كل ذلك بل قل أصبحت تفضل سلامك واتزانك على حساب سعادتك إن خُيّرت فيما بينهما، ليس لديك الطاقة الكافية لتحمُّل السلبيين، ولم يعد بمقدورك تكرار النصح للمخطئين فى حقك فتفضل الفرار السريع، أصبحت غامضًا بشكل كبير، اللامبالاة صفتك المفضلة مع كثيرى الشكوى والساخطين والثرثارين.

وكل هذه الصفات والتى قد يراها البعض سلبية، هى صفات وأفعال تنتهجها النفس حتى لا تُصاب بالخذلان فتجنبا لذلك تسلك هذا المسلك العقلانى الهادئ للحفاظ على السلام والاتزان فهما أهم الغايات.

[email protected]