هموم مصرية
فرق شاسع بين بلد يستقبل المهاجرين فيسيطر على سلوكياتهم بل ربما يلغى عاداتهم.. مثل الولايات المتحدة.. وبين دول تسمح باحتفاظ المهاجرين إليها بسلوكياتهم.. بل ولغتهم وعاداتهم كما هو الحال ـ مثلا ـ فى إقليم كويبيك فى شرق كندا.
ولكن مصر لها طابع آخر.. إذ لأن مصر كانت حلمًا لكل الشعوب المجاورة.. ففيها فرص العمل.. ولقمة العيش وأيضًا لأن الحكم فيها أفضل مما فى بلادهم.. لذلك كانت مصر دولة جاذبة للعديد من أبناء الشعوب المجاورة، بالذات فى فلسطين وسوريا ولبنان. وأيضًا من المغرب وتونس، حتى لمن لا يعرف أن منطقة الحسينية ـ أحد أحياء القاهرة نسبة كبيرة من سكانها من أصول من التتار جاءوها هربًا من القبائل التترية الخشنة.. فاستقبلهم السلطان المملوكى وأقطعهم أرضًا ومساكن فى منطقة الحسينية هذه.
< وربما="" لا="" يعرف="" بعضنا="" أن="" هناك="" كثيرين="" من="" جذور="" من="" الهكسوس="" مازالوا="" يعيشون="" فى="" جزر="" بحيرة="" المنزلة="" وهم="" ـ="" فى="" الأصل="" ـ="" من="" جنوب="" فلسطين..="" ولكنهم="" فضلوا="" استمرارهم="" فى="" الحياة="" داخل="" مصر="" ولكنهم="">
وكل الذين جاءوا إلى مصر طلبًا للحريات ولقمة العيش والعمل استقروا بها.. وليس سرًا أن كثيرًا من الاتراك الذين عاشوا فى مصر ـ أيام كانت مصر ولاية عثمانية ـ قرروا البقاء فيها.. بل وتمتعهم بالجنسية المصرية منذ أواخر العشرينيات عندما أعلن استقلال مصر وصدر دستور 23 وصدر أيضًا أول قانون يحدد الجنسية.. لأن هذا القانون خيّر من يقيم فى مصر إما الاحتفاظ بجنسيته التركية القديمة، أو الحصول على الجنسية المصرية.. وكانت هناك فترة سماح.. بل أصبحت المصرية مطلبًا للعديد من الأجانب الذين عاشوا بيننا، وأتذكر كيف كان المبدع بيرم التونسى يبكى بدمع العين عندما تأخر قرار منحه الجنسية المصرية.. إلى أن حصل عليها فى عهد الرئيس عبدالناصر.
< عجيب="" هو="" أمر="" «الجو»="" المصرى="" الذى="" جعل="" كل="" هؤلاء="" يندمجون="" فى="" النسيج="" المصرى="" ومنهم="" ـ="" غير="" الأتراك="" ـ="" أعداد="" من="" الشركس="" والأكراد="" والأرمن="" والدروز،="" من="" أعالى="" العراق="" ومن="" ايران،="" وفى="" مصر="" الآن="" عائلات="" من="" أصول="" فارسية="" وكانت="" قرينة="" الرئيس="" عبدالناصر="" فارسية="" ايرانية..="" وعندنا="" الآن="" عائلات="" كاظم="" وأصفهانى="" وكانوا="" من="" أكبر="" تجار="" السجاد="" فى="">
ليس فقط بسبب توفر فرص الحياة.. ولكن لما لمسوه من طيبة الشعب المصرى وترحيبه بالاشقاء.. ولا عجب أن مصر تستضيف الآن أكبر عدد من السوريين يعيشون بيننا أشقاء محبوبين ولن ننسى أن الصحافة المصرية بدأت شامية وفى مقدمتها دار الهلال والأهرام وروزاليوسف.
< وكل="" ذلك="" بسبب="" طبيعة="" الأمة="" المصرية="" التى="" ترحب="" بالأجانب="">