رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

لست مع رأى الكثيرين فى تعميم فكرة شيوع الفساد بين كل البشر أو غالبيتهم، لست مع فكرة أن الجميع فاسدون، وأن البشرية غُلفت برداء خبيث من الشيطنة والفجور، وألا سبيل إلى الفلاح ولا أمل فى انتصار الخير أو انقشاع الشر، فالشر قابع على نفوس البشر بغير تبديل أو تغيير، ولست مع الاعتقاد السائد أن الكل خرب الذمة، عليل القلب، مغيب الضمير، تملكه الشر وامتلكه، وسيطر عليه الشيطان ووجهه كيفما يريد.

فدائماً كان هناك الأمل فى داخلى، إذ ليس الجميع من ذوى القلوب المريضة، أو النفوس العليلة، فما زالت هناك جماعة دأبت على تقديم الخير بلا مقابل، أولئك هم الأنقياء الأوفياء، فلا يهم عندى عددهم، حتى لو كانوا قلة لا يهم، فكل واحد منهم يعدل أمة من الأشرار السفهاء، فكل واحد منهم يستطيع بقوة يقينه وبصدق كلمته وبسلامة ضميره وبعظيم ونبل قيمه أن يدمر حصون الشر ويدكها دكاً، مهما بلغت من الجبروت عتياً.

فكانت وما زالت تلك الطائفة تلفت انتباهى دوماً، بل أبحث عنها فى دربى وأفتش عنها فى طريقى قصداً.

وأكثر ما يميز هؤلاء أنهم دوماً لا يسعون إلى لفت الانتباه ولا يميلون إلى تمجيد ذاتهم أو التسويق لإنجازاتهم المشهودة، أبداً، أبداً، بل يرون أن ما يفعلونه هو أقل القليل، وأنهم لا يقدمون ما يستحق الإشادة بهم، بل يتعجبون ممن يفتخر بطبعهم أو يمدح شخصهم أو يعدد مناقبهم، فيتساءلون: لم، ما فعلنا لأجل ذلك؟

ويلفت انتباهى عدد لا بأس به من هذه النماذج، ولكثرتها سأذكرها لكم على حلقات متتالية.

أولها: من ينشر عبير الفرح وشذا السعادة وعطر المسرة والاستبشار على جميع من حوله، ليوقظ البهجة فى النفوس الحزينة، وينعش السرور فى القلوب الميتة كمداً، ويرسم الضحكة والبشاشة والمرح على الوجوه البائسة اليائسة الصامتة الكئيبة.

والغريبة أنك لو فتشت فى داخل من يفعل ذلك لوجدته يملك جبالاً من الهموم وغارقاً فى أنهار من الأحزان والدموع، ولكنه آثر ألا يحمل الآخرين نتائج حزنه وأسباب ألمه فلا ذنب لهم، ففضل أن يخرج غيره من دائرة حزنه الأليمة، وذاك بالنسبة له هو منبع الفرح ومصدر البهجة وأساس السعادة.

وثانيها: أصحاب القلوب السليمة، نعم ويقيناً هم ما زالوا أحياء، حتى لو كانوا قلة، فهنيئاً لنا بهم وبقلوبهم المنيرة التى تضىء لنا ظلمة الطريق، وتمدنا بالتفاؤل، وتدب فى نفوسنا الأمل فى صلاح البشرية ونجدتها من طغيان الشر والأشرار.

فيمدوننا بقوة نورانية خيرة تجعلنا نقوى ونصبر ونتحمل سواد نفوس بعض الناس واعتلال قلوبهم وفساد ذممهم وموت ضميرهم.

فأصحاب القلوب السليمة يتمنون الخير للجميع، يحبون لغيرهم ما يحبونه لأنفسهم، لا يطمعون فيما فى أيدى غيرهم، يحملون فى صدورهم قلوباً كالجواهر الثمينة إن وضعتها فى ليل أسود ظليم لأنارت جميع أركانه.

قلوبهم سلمت من الغل والحقد والحسد والكراهية والغش، نبذت كل معانى القسوة والغلظة والفظاظة، برئت من الظلم والانتقام والأذى بكل أشكاله، تطهرت من الكبر والتعالى والغرور، تخلصت بكل قوة من الآثام والشرور، وكل ذلك بلا سمعة أو رياء، بلا حديث عن فضل أو إنجاز، بلا شعور بالفخر إن تحدث عنهم الناس.

وكما قال النبى الأكرم (صلى الله عليه وسلم) حينما سئل: ما القلب السليم؟ قال: دين بلا شك وهوى، وعمل بلا سمعة ورياء.

«وللحديث بقية»

[email protected]