سوى النزر اليسير، عمل أدبى أو عملان تعرضا للوباء، فى الرواية العربية، رواية السودانى أمير تاج السر «إيبولا ٧٦» صدرت ٢٠١٢، وتقدم صورة بانورامية لمسار الوباء الذى انتقل من «عاهرة» فى كينشاسا بالكنغو إلى جسد «لويس نوا» العامل فى معمل للنسيج فى «أنزارا» فى جنوب السودان، ومنه انتشر فى المدينة التى احتلها الموت.
وتدور أحداث الرواية فى عام ١٩٧٦ بين دولة الكونغو وجنوب السودان، وتتحدث عن انتشار مرض الحمى النزيفية، الذى يسببه فيروس إيبولا، وفيها الكثير من اللوحات الإنسانية، وصورت حالات المرض بذلك الفيروس، وماذا حدث بعد انتشاره.
المتعلمون فى المدينة الموبوءة تابعوا نشرات وزارة الصحة المطبوعة بركاكة على ورق رخيص، واستمعوا إلى الراديو الذى اعتاد قطع أغنيات (دريدو لونوا، وسليمان أجو، وعلى فرتكارى، ومنليك الإثيوبى..) لإذاعة أخبار الفيروس الرهيب.
ظاهرة الساحر الشرير فى الرواية كانت هى الأقوى والأكثر رواجاً، ومن ثم جندت كثير من القبائل سحرتها «المعتمدين»، وزودتهم بخامات التعاويذ كلها، وأمرتهم بتعقب الشر فى أى جحر من جحوره، ومنازلته حتى يسقط.
ومن الجنوب إلى الشمال، تحكى رواية «اليوم السادس» التى تجرى أحداثها فى مصر أو «الأرض الحبيبة»، كما تسميها الروائية أندريه شديد قصة وباء الكوليرا، وهى رواية رمزية بامتياز، فالكوليرا فيها تمثل القضاء والقدر، والطفل المريض «حسن» يمثل الإنسان بكل ما فيه من ضعف، أما جدته «أم حسن» فهى تجسيد للحب والإيمان فى الحياة والأمل فى المستقبل.
شذرات فيروسية متفرقة فى أعمال أخر، كما فى رواية ربيع جابر «أمريكا» (2009)، التى تؤرشف بعض حكايات الهجرة اللبنانية من خلال شخصية «مرتا حداد»، التى تهاجر من قرية «بتاتر» فى جبل لبنان إلى أمريكا، بحثاً عن زوجها.
فى رواية جابر فصل عن وباء «الإنفلونزا الإسبانية» حيث يصف المؤلف وقائع ذلك الوباء الذى ضرب العالم من خلال مشاهدات مرتا فى مدينة فيلادلفيا، حيث حصدت الإنفلونزا الإسبانية ١٣ ألف ضحية، وكان عدد ضحاياها فى العالم أكبر من ضحايا الحرب العالمية الأولى.
فى انتظار رواية «كورونا» عالمياً وعربياً ومصرياً، تتوالى فصول الوباء، ما تيسر من سيرة الوباء فى أصوات تأتى من الحجر الصحى، آخرها تدوينة فيسبوكية تحمل مشروع رواية، بذرة رواية تدوينة «رباب»، ابنة شهيد كورونا محمد عبدالله، الشهير بـ«السنى» على حسابها بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، تدوينة تحمل قدراً من المادة الخام لرواية محزنة، حزينة تقطع القلب.
رباب بنت شهيد كورونا «السنى» تنعى والدها الذى لم تودعه هكذا: «سامحنا يا حبيبى ما عرفناش نودعك».. وتكمل العزف على الوتر الحزين: «إحنا الأسرة المصابة فى شارع سيدى حبيب 5 أفراد كلنا إيجابى، وأخويا طلع سلبى يعنى مش هو اللى جابلنا كورونا من بره، ووالدى مكنش مسافر أسوان ورجع، ومكنش بيطلع من البيت أصلاً لأنه مريض، أنا اللى كنت بطلع وأروح شغلى وأجيب طلبات البيت، وكنا واخدين احتياطاتنا زى أى حد، بس ده قضاء وإحنا راضيين الحمد لله.
كل اللى هنا فى المستشفى ما حدش عارف جاله منين وإزاى، بعد اللى أنا شيفاه هنا بقيت متأكدة إن كل واحد ماشى فى الشارع هو حامل للفيروس وما يعرفش، اللى مناعته كويسة الموضوع بيعدى، ومن غير ما يحس أصلاً، واللى مناعته ضعيفة بيموت، ولما تعبنا روحنا لـ3 دكاترة ومستشفى الحميات روحونا وقالوا دور برد عادى، يعنى مش ذنبنا.
دلوقتى أنا وأخويا فى العزل، وأخويا التانى فى أسيوط، وأمى وأخويا فى بنى سويف، والدكاترة هنا فى العزل الله يقويهم مهتمين جداً، ومش مقصرين بالعكس عاملين اللى عليهم وزيادة ربنا يقويهم ويعينهم بجد».
«خليكم فى البيت أرجوكم، لأن الوجع ده ما يتحملوش حد، إحنا فى وضع صعب أوى».