رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 هناك دلالات مهمة جدًا للتصريحات التى أدلى بها قبل ساعات الدكتور جون جبور ممثل منظمة الصحة العالمية بمصر.. بالتزامن مع الاتجاه القوى فى العديد من دول العالم.. وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسبانيا الدولتان الأكثر تسجيلًا للإصابات.. لبدء خفض مستويات الإجراءات الاحترازية.. والتخلص تدريجيًا من حالة الإغلاق الاقتصادى والاجتماعى المفروضة بسبب جائحة الكورونا.. رغم عدم التوصل حتى الآن إلى دواء أو علاج مؤكد للمرض.. وهو ما يعنى أن العالم سيختار الطريق الثانى للتعامل مع الوباء.. وهو «التعايش» معه نظرًا لخطورة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية المدمرة الناتجة عن استمرار إجراءات الإغلاق.. خاصة وأن كل الآراء العلمية أجمعت على أن التوصل إلى علاج المرض لن يكون قبل عام كامل أو 18 شهرًا.

< ماذا="" قال="">

أول ما يدعو للتأمل فى تصريحات ممثل منظمة الصحة العالمية.. هو ما يتعلق بالجانب الإحصائى للمرض فى مصر.. ودلالات أرقامه.. حيث ذكر أن عدد الحالات فى مصر وصل إلى 2065 حالة تم تشخيصها بفيروس كورونا المستجد.. و159 حالة وفاة.. و447 حالة تم شفاؤها وخروجها من المستشفى.. بينما ذكر وفقًا لما جاء على لسانه نصًا باللغة العربية أن «هناك 85 % تم شفاؤهم بدون علاج لأن أعراض المرض كانت بسيطة».. البعض استغرب هذه الأرقام.. وتصور أن هناك خطأ ما.. إذ كيف يكون عدد حالات الشفاء 447 حالة فقط من 2065 إصابة بينما يقول جبور إن 85% قد تعافوا؟

الإجابة ببساطة هى أن الرجل يقصد أن 85% ممن تعافوا بالفعل.. أى 85% من الـ447 حالة.. تم شفاؤهم بدون علاج.. أى عن طريق مناعتهم الذاتية.

هذا الكلام له دلالتان مهمتان.. أولاهما أن أعراض المرض تكون فى الغالب «بسيطة» أو «بسيطة جدًا» وفقًا لتعبير السيد جبور.. وهذا يدعو إلى الاطمئنان والتعامل مع الوضع بحجمه الحقيقى والواقعى.. بعيدًا عن حالة الذعر التى أصابت العديدين لدرجة أنهم بات لديهم اعتقاد راسخ بأن كل من سيصاب بالكورونا فهو ميت لا محالة (!!).. هذا ليس صحيحًا.. أما الدلالة الأخرى فهى أنه يمكن من هذه الأرقام استنتاج أن هذا العدد الذى تم تسجيله لحالات الإصابة المؤكده ربما يمثل 15% فقط من الحجم الحقيقى لإجمالى الحالات لكن 85% منها تم شفاؤهم قبل ظهور أعراض كاملة عليهم.. وهذا أيضا مؤشر إيجابى.

<>

من أهم ما ذكره ممثل منظمة الصحة العالمية أن مصر تعاملت بجدية مع الأزمة.. (وهذه شهادة تعافٍ).. وأنه بما أن فيروس كورونا المستجد هو مرض جديد فهناك قلة تقدير.. كما هو الحال فى أى وباء أو جائحة جديدة وفى أى بلد كان.. ولكن الأهم وجود جهاز ترصد قوى قادر على الرصد والتقصى والكشف عن الاتجاه الوبائى.. مؤكدًا فى الوقت ذاته أن وزارة الصحة والسكان فى مصر تقوم بالفعل بمراقبة الأمراض التنفسية الحادة من خلال منظومة شاملة للترصد الوبائى والمعملى منذ عام 1999 والتى يتم تنفيذها من خلال مجموعة من البرامج وتعمل على تطويرها بصفة مستمرة.

وهذا فى حد ذاته نراه من وجهة نظرنا داعيًا للتعامل بهدوء.. وبحزم فى نفس الوقت.. ودون اللجوء إلى قرارات أو إجراءات انفعالية مع حالة «التخفف الذاتي» من إجراءات الطوارئ.. إن جاز هذا التعبير.. التى ظهرت خلال الساعات الماضية بين الناس.. وعودة ظاهرة الزحام إلى بعض الأسواق تزامنًا مع قرب الأعياد القبطية ودخول شهر رمضان.. وهو ما أثار انزعاج الكثيرين.. وارتفعت الأصوات المطالبة بفرض حظر التجوال الشامل.. بالمخالفة للاتجاه السائد الآن.. والذى ورد على لسان رئيس الوزراء وغيره من المسئولين.. وهو الحفاظ على دورات عجلة الإنتاج مع تحرى أقصى درجات الوقاية الطبية فى نفس الوقت.      

< نأتى="" إلى="" بيت="">

وهو أن ما يحدث الآن فى مصر لا يعنى أن الوباء انتهى وزالت خطورته.. كما لا يعنى فى نفس الوقت وجود حالة «تمرد شعبي» على الإجراءات الاحترازية التى تطبقها الدولة.. لكن الحادث هو أننا دخلنا عمليًا فى مرحلة التعايش مع المرض.. واخترناه حلًا لاستمرار الحياة.. لكن على الجميع أن يعوا.. وهذا دور أجهزة الإعلام والتوعية.. أن هذا التعايش له أيضًا ضوابط وقواعد تحكمه.. ومعناه الحقيقى هو العودة إلى الحياة والعمل.. مع الحرص الكامل على الوقاية والحذر فى نفس الوقت.. وليس الإهمال الكامل.. والفوضى.. وليكن الدرس الأول والأهم الذى استفدناه من هذه المحنة هو أن تكون النظافة والوقاية بالنسبة لنا «أسلوب حياة» دائمًا.. وليس وسيلة مؤقتة لمواجهة ظرف طارئ فقط.