رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

تُعد القيم حلقة الوصل بين الحضارة والثقافة، فهى بمثابة الجسر الذى يربط الثقافة بالحضارة، إذ تقوم تلك القيم على تكريم الإنسان واحترام عقله وتفكيره، وتحثه على التحلى بالأخلاق وترك المفاسد، فهى تلعب دوراً مهماً فى بناء الحضارات وتقدمها وازدهارها، كما أن التخلى عنها يؤدى إلى ضعف الحضارة وتراجعها.

ومن أهم أسباب الرُقى الحضارى ومقومات النهضة الحقيقية التمسك بالأخلاق الفاضلة، سواء على المستوى الفردى أو الأسرى، أو الوطنى، أو الإنسانى، فهى ركيزة أساسية لتهذيب السلوك الإنسانى، وتنظيم العلاقات على أسس قوية من السمو الروحى والمعاملة الجميلة، وهى عنصر فعال فى شيوع المحبة والألفة والتماسك والترابط فى المجتمع أفراداً وأسراً وشعباً وقيادة ووسيلة للتعايش السلمى البناء بين الأمم.

إن انحلال الحضارات يرافقه فساد فى روح الناس، وتغيير جذرى يطرأ على سلوكهم ومشاعرهم وحياتهم، ما يترتب عليه تقويض قيم الأخلاق والعادات، وانحطاط يسود الآداب والفنون.

وإذا كانت الحضارة مريضة روحاً، فإن المجتمع يعانى من نفس المرض، والعالم الآن يحلم بالكوابيس تحت أنقاض الدنيا المعنوية التى هدمها بنفسه وجعلها خرائب فى نفوس البشر، والعالم يريد أن يسلى نفسه بالمنجزات الحضارية والتكنولوجية هنا وهناك، وأن يسرى عن غمه وهمه بالثروة التى جمعها من جراء ذلك، لكن من البديهى أنها لن تمنح الإنسان سعادة مستمرة أبداً، ولن تحميه من نوائب الدهر.

إن مستقبل الإنسان، ومن ثم الحضارة العالمية، رهن بامتلاكها آفاقاً روحية رحبة تحرر الضمائر من سلطان الحضارة الحديثة والدنيوية الضيقة، والكدر والقسوة والكراهية، وتلملم ما تبقى من الوجدان الإنسانى للعودة إلى القيم والأخلاق الفاعلة فى العلاقات الإنسانية.

ولعل الجائحة الكورونية التى اجتاحت العالم قد أسقطت ورقة التوت التى كانت تغطى عورته، وأثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن العالم المادى البحت بما يملك من تقدم علمى مذهل وقوة رهيبة من الأسلحة والطائرات والدبابات والصواريخ عابرة القارات والقنابل النووية والأسلحة البيولوجية والكيميائية والتقدم التكنولوجى الهائل ووسائل الاتصال فائقة التقدم، حتى ظن أنه أصبح قادراً على الأرض بما عليها، هذا العالم لم يستطع أن يواجه هذه الجائحة التى تسبب فيها فيروس كورونا المتناهى فى الصغر والضعف، وفر العالم أمامه هارباً لا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة تناصره، إنما هو الهروب العظيم حقاً، حيث حبست الدول نفسها داخل حدودها، وحبس الإنسان نفسه داخل بيته، ولم ينفع العالم بأثره هذا التقدم المذهل فى مواجهة هذا الفيروس المتناهى فى الصغر والضعف، سبحان الله، إنها طلاقة القدرة.

ولعل العالم قد بدأ يشعر بأن هذه الأكذوبة الحضارية التى افتقدت عنصر القيم والأخلاق التى تشع المحبة والألفة والتماسك والتعاون بين البشر، وكذا نبذ الخلاف والحقد والجور والظلم، وأن يقتل بعضنا بعضاً، لم تعد كافية لمواجهة نوائب الدهر.

ومعانى القيم والأخلاق هى حقيقة رسالة السماء التى حملها الأنبياء والرسل جميعاً إلى البشرية، وآخرهم محمد عليه الصلاة والسلام، فقد قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، نعم الأخلاق بكل مفرداتها، وهكذا فإن أكذوبة التحضر لم تستطع أن تواجه الجائحة الكورونية، وأصبح من المحتم على العالم مواجهتها بالتعاون بين البشر، والرجوع إلى حقيقة رسالة السماء إلى الأرض بالتمسك بمكارم الأخلاق، وهكذا فإن التاريخ ما بعد كورونا سوف يختلف كلية عما قبل كورونا.

وابنوا دولتى على العلم والأخلاق      فالعلم وحده ليس يجدى