عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

انتظرنا عدة ساعات.. لنتبين مدى صحة ما أعلنه موقع إحدى القنوات الفضائية العربية.. عن قيام إثيوبيا بإبلاغ السودان عدم مشاركتها فى الاجتماع المقرر عقده اليوم الخميس وغدا الجمعة فى واشنطن لتوقيع المسودة النهائية لاتفاق سد النهضة الذى ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية.. بعد أن كان قد تم التوافق حول هذه المسودة بالفعل بين الأطراف الثلاثة.. مصر وإثيوبيا والسودان.

وها هى أديس أبابا تؤكد صحة الخبر وتعلن رسميا إبلاغها واشنطن بغيابها عن الاجتماع.. وتتعلل بأسباب واهية وغير مقنعة.. زاعمة أنها «غير قادرة على التفاوض فى الوقت الحالى».. وأنها لم تتمكن من استكمال المباحثات حول مسودة الاتفاق مع «المختصين وأصحاب المصلحة المحليين».

•• هكذا

يبدو أن الإثيوبيين يصرون على مواصلة نهج المماطلة والتسويف الذى يتبعونه فى مفاوضات السد طوال نحو 9 سنوات ماضية.. وهو ما أوصل مصر الى درجة إصدار بيان شديد اللهجة فى أكتوبر من العام الماضى.. يتهم بشكل صريح الجانب الإثيوبى بالتشدد، ورفض كل الأطروحات التى تراعى مصالح مصر المائية وتجنبها التعرض لضرر جسيم.. كما طالبت مصر أمام هذه المماطلات الإثيوبية بتنفيذ المادة العاشرة من اتفاق إعلان المبادئ الذى تم توقيعه فى مارس 2015.. بمشاركة طرف دولى فى مفاوضات سد النهضة للتوسط بين الدول الثلاث، وتقريب وجهات النظر والمساعدة على التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحفظ حقوق الدول الثلاث دون الافتئات على مصالح أى منها.. وهو الطرف الذى تمثل بعد ذلك فى الولايات المتحدة الأمريكية.

•• الحقيقة

أن نهج المماطلة الإثيوبية كان ظاهرا بكل وضوح طوال سنوات التفاوض التسع الماضية حول السد.. وكان واضحا أنهم يسعون إلى إطالة أمد التفاوض وكسب الوقت لإحراز تقدم مستمر فى الأعمال الإنشائية لفرض وجود السد كأمر واقع.. كما كان واضحا أن هناك أطرافا أخرى «خارجية» تقف وراء المفاوض الإثيوبي وتتلاعب به وتعبث بهذا الملف و«تسيسه» بهدف الإضرار بمصر وبمصالحها وأمنها المائى ونفوذها الإقليمى.

وتجسدت المماطلة الإثيوبية بشكل خاص.. وأوضح.. خلال سنوات التفاوض المباشر الأربع التى تلت التوقيع على اتفاق المبادئ.. حيث تعمد الجانب الإثيوبى وضع العراقيل أمام مسارات التفاوض.. لتصل ذروة هذه العراقيل خلال جولة المفاوضات التى جرت فى الخرطوم فى الفترة من 30 سبتمبر وحتى 5 أكتوبر 2019.. حيث قدمت أديس أبابا مقترحاً غريباً اعتبرته مصر بمثابة ردة عن كل ما سبق الاتفاق عليه من مبادئ حاكمة لعملية ملء وتشغيل السد.. وكشف المتحدث الرسمى باسم وزارة الرى والموارد المائية المصرية خلو هذا الاقتراح «من ضمان وجود حد أدنى من التصريف السنوى من سد النهضة والتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد التى قد تقع فى المستقبل». كما رفضت إثيوبيا مناقشة قواعد تشغيل السد.

 وهذا الموقف هو الذى أوصل المفاوضات إلى مرحلة الجمود التام.. خاصة بعد رفض إثيوبيا للمقترح المصرى الذى قدم طرحاً متكاملاً لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة يتسم بالعدالة والتوازن ويراعى مصالح الدول الثلاث.. لتليه مرحلة دخول واشنطن كطرف وسيط فى المفاوضات وعقد جولات جديدة من المفاوضات أوشكت على التوصل إلى اتفاق الحل النهائى الذى تماطل إثيوبيا الآن فى توقيعه.

•• بلا مواربة نقول:

إن هذه الأصابع الخارجية التى تعبث بملف سد النهضة هى تحديدا أصابع النظام القطرى الخسيس وأصدقائه وحلفائه فى تل أبيب.. المعارضة القطرية فى الخارج سبق لها أن كشفت ذلك بوضوح عبر موقعها الموثوق «قطريليكس».. ووصفت «تنظيم الحمدين» الحاكم فى الدوحة بأنه «شيطان مفاوضات سد النهضة» الذى يخطط للإضرار بمصالح مصر وأمنها المائى.. والذى يدعم إثيوبيا بالمال لتسريع الانتهاء من بناء السد ويسعى إلى إفشال أية مفاوضات مع مصر حول هذه القضية.

وما يؤكد ذلك هو أن هذا الموقف الجديد والمفاجئ الذى أعلنته إثيوبيا بالأمس.. يأتى عقب أيام من عقد اجتماع مشبوه بين مسئولين قطريين وإثيوبيين تحت مسمى «منتدى الاستثمار المشترك».. وما هو إلا وسيلة أخرى للضغط على الإثيوبيين وإغرائهم بالمال والاستثمارات المسمومة من أجل التلاعب بقرارهم السياسى، وإعاقة سيرهم فى طريق التوصل إلى اتفاق الحل النهائى لأزمة سد النهضة مع مصر.

•• هنا.. يبرز من جديد دور الولايات المتحدة الأمريكية راعية المفاوضات الأخيرة.. وصاحبة الكلمة النافذة على أديس أبابا.. وعلى الدوحة أيضا.. ونرى أن واشنطن لن تسمح بمزيد من هذا العبث الذى يمارسه الطرفان.