رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مذكرات ابن الولد الشقى يكتبها:

.. فى التسعينيات من القرن الماضى احترف اللاعب الإنجليزى الشهير جارى لينكر فى أحد الأندية اليابانية، فارتفعت لافتات الإعلانات فى العاصمة تحمل صورة اللاعب الأسطورى وتحتها تعليق يقول.. الشىء الوحيد الذى صدرناه إلى اليابان!!

تذكرت هذا الإعلان وأنا أتابع كل صغيرة وكبيرة للشىء الرائع الأداء محمد صلاح الذى صدرناه إلى بريطانيا، فتألق فى نادى ليفربول، وتحول إلى النادى الأكثر شعبية فى العالم العربى بأسره، وحول محمد نسج أهل مصر كعادتهم الأساطير والنكات التى دائماً ما تصاحب كل ما هو محبب إلى قلوبهم.. وكانت آخر إبداعات المصريين عن محمد صلاح أنهم قالوا.. فاضل جون كمان لمحمد صلاح والإنجليز يصوموا رمضان!!

وانتشرت على مواقع الفيسبوك صور لتمثال يتوسط أحد ميادين ليفربول لمحمد صلاح والبعض يقسم ميت يمين أن اخوه أو ابوه أو صاحبه شاهد التمثال الذى تحول إلى مزار لكل زائر لعاصمة الضباب.. وهو بالطبع أمر لم يحدث على الإطلاق، ولن يحدث بالطبع.. ولكن العشق والهوى لدى الشعب المصرى بمبدعيه يجعلهم فى سباق مع الزمن لتخليد هؤلاء.. أحياء كانوا أو أمواتاً..

وبالنسبة إلى البضائع الجميلة الممتعة التى صدرناها للخارج أتابع مارد إعلامى ليس له نظير.. وهى البنت الرائعة الجمال.. شكلاً وأداء مروج، التى انطلقت على شاشة سى بى سى ثم اختطفتها مؤخراً فتاة سكاى نيوز عربية وهى شبكة أخبار بريطانية تتبع القطاع الخاص، والحق أقول إن قناة سى بى سى فتحت الباب لعشرات البنات الحلوين اللى زى القمرات، ولكن ولا واحدة من البنات اقتربت من المجال الإشعاعى للبنت مروج، مش عارف ليه.. وكنت أتمنى لو أن القناة أغرت مروج للبقاء هنا، فهى فى قناة سكاى ربما تفقد الكثير من متابعى نشرات الأخبار فى عاصمة المعز.. ولو حسبتها صح لاختارت البقاء فى المحروسة؛ لأن مروج استطاعت أن تحقق شهرة ونبوغاً من خلال قراءة نشرة الأخبار وأيضا الحوارات التى أتيح لها أن تجريها مع مثقفين ومفكرين مصريين لهم ثقل على مستوى العالم العربى، وبالطبع استطاعت مروج أن تستولى على بعض من الضياء والنور الذى صاحب هؤلاء الضيوف فيما عدا ضيفاً واحداً أساءت مروج التصرف معه.. وأتابع مروج هذه الأيام على قناة سكاى ليس حباً فى القناة أو لأنها تأتى بما لم يأت به الآخرون، ولكن لكى أعرف كيف هو حال ماردنا الإعلامى المتميز.. بالصراحة اللى فى زمانا كثيرة ولله الحمد أقول إن مروج لاتزال على عهد الجمال والرقى والأمانة شكلاً وموضوعاً.. ولكن وكما هى مارد إعلامى فإن فى مصر مارد عظيم هو هذا الكم المرعب من المشاهدين من أهل مصر الذين فى أيديهم وحدهم أن يقرروا مصير أى نجم فى أى مجال، وقد منحك المارد المصرى كل ما تتمناه بنات حواء يا ست مروج..

لذلك فإن العود.. سيكون بالتأكيد أحمد.. مش كده ولا إيه.

● فى برنامج صباح الخير يا مصر شاهدت الصديق الجميل عبدالرحمن رشاد رئيس الاذاعة السابق، واستمتعت بحديثه عن معجزة الغناء فى العالم صاحبة الحنجرة الذهبية السيدة أم كلثوم، وأسعدنى هذا الكم من المعرفة لدى عبدالرحمن بخبايا وكواليس نجمة العرب الأعظم فى كل العصور، وتمنيت لو أننا استفدنا بخبرات هؤلاء الكبار فهماً وعلماً فى النهوض من جديد بهذا المبنى الذى أشع ضياء وعلماً وثقافة وأدباً فى كل أنحاء عالمنا العربى فى الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، ثم تآمر عليه البعض حتى قضى على دوره التنويرى تماماً.. ماسبيرو الذى كان عملاقاً بحق.. وتحول إلى قزم ذليل يطلب نظرة من أصحاب القرار على ما أصابه من إهمال متعمد.. والسؤال الآن هل ينتبه السيد وزير الإعلام والصديق العزيز أسامة هيكل لهذا التاريخ العريق ويحفظ التراث الفريد من الإهمال أو السرقة ويعيد الطاقة الإبداعية لماسبيرو ولناسه تألقهم وريادتهم، أتصور أن أسامة هيكل سيضع ماسبيرو على رأس اهتمامه كوزير للإعلام تماماً مع ملف الصحافة المصرية الذى أصبح لا يرضى عدواً ولا حبيباً.

نسأل الله لك التوفيق.

● منة البزاوى ابنة أختى الأكبر هلولة جاءتنى ذات يوم وقالت.. أنا بأعمل مشروع التخرج عن جدو وعاوزين نتكلم عن مرحلة المنفى فى حياة جدو.. واندهشت لاختيار منة هذه الفترة الحرجة فى حياتنا بأكملها، فهى أسوأ ألف مرة من سنوات الاعتقال والسجن، وهى أقسى على النفس من كل ما مر بحياتنا من أحداث مريرة. فهى السنوات التى تم فيها.. انتشال أسرة السعدنى من الطينة التى نشأنا فيها وهى ليست طينة عادية ولكنها طينة الأرض الشديدة الخصوبة فى كل بقاع المحروسة، إنها أرض الجيزة الطيبة وناسها الودودون، متحف بشرى مفتوح فيه كل أنواع وألوان وأصناف البشر.. بحر متلاطم من الصياع والمفكرين والمهندسين والأطباء والسياسيين والموهوبين والموهومين.. سبح فى هذا التيار البشرى المتلاطم بتنوعه الفنى الولد الشقى.. واكتفى بالبقاء فى الجيزة باعتبارها الكعبة والقبلة التى لا ينبغى الابتعاد عنها.. ذات يوم منحوا السعدنى شقة فى منطقة جاردن سيتى، عدد الغرف فيها سبعة فى عين العدو، وكان هذا الكلام فى مطلع الستينيات، ولكنه اختار أن يسكن فى الجيزة فى شارع الربيع الجيزى خمس سنوات كاملة قبل أن ينتقل للإقامة على شاطئ النيل فى شارع البحر الأعظم، وجاءت منة لتفتح جرحا نحاول نسيانه على الدوام، وإذا تذكرناه.. حمدنا الله على نعمة العودة إلى أرض الوطن، ومع منة جاء فريق للإعداد منهم ولد اسمه مهاب سهروا أياماً طويلة لكى يخرج هذا المشروع إلى النور، وبالفعل تقدمت منة بالفيلم وحققت نجاحا طيبا للغاية فى الجامعة.. ثم جاءها من طلب الفيلم التسجيلى للعرض فى مهرجان الإسكندرية، وقد اختارت له مسمى محبباً للقلب لدينا «جدو الشقى» باعتبار أن السعدنى اختاره لقباً أثيراً لديه.. الولد الشقى وهو الأمر الذى أثار جدلاً واسعاً وخناقة بالكلمات بينه وبين الفنان الجميل حسن يوسف فى شقتنا المتواضعة فى لندن، حيث نسب كل منهما لنفسه أسبقية الحصول على اللقب، فالسعدنى كتب سلسلة فى مجلة صباح الخير عن مذكراته فى الحارة فى الخمسينيات من القرن الماضى.. بينما اكتسب الجميل حسن يوسف لقب الولد الشقى للسينما المصرية.. ولم يفض هذه المعركة.. إلا الحاج إبراهيم نافع عشرة عمر السعدنى وصديقه الأقدم.. بحل أرضى الطرفين.

بأن وضع فى الفرن طاجن لحمة بلدى بالشطة والبصل.. عندما جلسنا حول الطبلية لنلتهم الطاجن.. لم يستطع أحد أن يواصل الكلام بعد أن أصبح الكلام فقط للمعدة.. وسكتت مدافع الكلام واتكلمت مدافع الشطة والفلفل الأسود.. ونعود مع منة وخالد وأمل وأنا لنستعيد هذه الأيام التى حولت الولد الشقى من الشقاوة إلى الشقاء، ونحن جميعا نالنا من الشقاء ما نال السعدنى فى بلاد الغربة.. طردونا من بلاد شقيقة غالية على النفس وبأختام على جوازات السفر وبطريقة شديدة المهانة.. ولم نعرف طعماً للاستقرار إلا فى العراق، ودخلناه بدون تأشيرة دخول، واكتشفنا أننا كلما أردنا الخروج منها علينا أن نأخذ تأشيرة خروج.. فقال السعدنى للمسئول الذى طلب منه ذلك.. دى كمين مش بلد.. فغضب أهل المكر فى العراق ولكنهم لم يطردونا مثلما فعل الآخرون.. وحرمونا من العودة إلى مسقط الرأس ومن الدخول فى المدارس الثانوية والجامعات المصرية مع شديد الأسف، وماتت الحاجة أم محمود ونحن فى المنفى.. وغرقنا فى الأحزان، فقد كانت الجيزة هى عاصمة الكون عند السعدنى، وكانت ستى أم محمود هى نصف الجيزة بالتمام والكمال عليها رحمة الله.. وعندما مات السادات.. شعرنا بسعادة غامرة ليست بموت الرئيس السادات ولكن لأن مرحلة المنفى بالنسبة لنا انتهت ولكن بعد الفرح.. انتبه السعدنى إلى السادات الصديق والزميل ورئيس التحرير المسئول عن الجمهورية الذى عمل تحت رئاسته وأحد أضلاع المثلث الذى تتلمذ على يد أستاذ الجيل زكريا الحجاوى - وكان المثلث يتكون من أنور السادات وأحمد طوغان ومحمود السعدنى.. بكى السعدنى على صديقه كما بكت الخنساء أخاها صخراً، وبالطبع فيلم منة لم يتسع لكل هذه الذكريات، ذلك لأن أى مرحلة من مراحل عمر السعدنى لا يمكن أن يحفظها كتاب ولا مجلد ولا برنامج تليفزيونى وحكايات السعدنى أصبحت كما حكايات المغرب نسمعها من ناس لا حصر لهم والحكايات وهنا تنتابنى الدهشة لا تنتهى.. وأعود إلى مشروع منة وأقول.. يا بنتى.. حاولتى وكان يكفيك شرف المحاولة.. ولكن ما أجمل المحاولة عندما تكلل بالتميز والتفرد والتألق والنجاح.

ألف مبروك يا منونة.