كلما سنحت لى الفرصة كى ألتقى بالشباب من دارسى الإعلام لا أتردد فى الموافقة وأحاول أن أسبر أبعاد فكرهم وأتعرف بعمق على رؤيتهم لمستقبل الإعلام وهم بالطبع بعد سنوات طالت أو قصرت سيكون بعضهم فى موقع اتخاذ القرار والبعض الآخر سيمارس المهنة وفقًا لما تعلمه من قيم مهنية!
فقد تشرفت بتلبية دعوة صديقى الاستاذ الدكتور محمد شومان عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية بمصر للمشاركة فى لجنة تحكيم مشروعات تخرج طلبة قسم الاذاعة والتليفزيون وخلال مناقشات اكاديمية ومهنية مطولة لإقرار حوالى 13 مشروعا استمرت 8 ساعات على مدى يومين اكتشفت أن هذه المشروعات كانت من الجرأة بحيث انها اقتحمت موضوعات تتناول قضايا مجتمعية تعكس تفاعل هؤلاء الطلاب مع هموم ومشكلات حقيقية تعيشها شرائح مختلفة من ابناء الوطن ويأتى ذلك قبيل استعدادهم لدخول سوق العمل فى وسائل الاعلام الذى اعتقد أن فرصة اللحاق به باتت محدودة نتيجة عوامل ليس هنا المجال لشرحها الآن حتى احتفظ بحماس واصرار وابداع اعلاميى المستقبل ودعونى اتنقل بين بعض الموضوعات التى تمت مناقشتها.
ومن بين الموضوعات المقترحة مشكلة عمال التراحيل أو اليومية والظروف الضاغطة التى يعانى من وطأتها مواطنون مصريون قادمون من مناطق مختلفة للبحث عن لقمة العيش والتأكيد من خلال العرض الذى قدم على أن للمشكلة جانبين اجتماعى وسياسى الأمر الذى جعل القيادة السياسية تهتم بوضع حلول لمشكلة عمالة اليومية ومنها توفير الرعاية الصحية والتأمينات الاجتماعية لعدد من المصريين وقد كانت مفاجأة لى أن خمسة ملايين مواطن يعملون بنظام اليومية اى حوالى 20% من عدد سكان مصر حسب احصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء.
ومن المشروعات المقدمة إلقاء الضوء على خدمة تمس حياة كل المصريين وهى غرفة الطوارئ بالمستشفيات العامة التابعة لوزارة الصحة وانصبت المناقشات على ضرورة الدعوة الى دعم هذه الخدمة بالعناصر البشرية من الاطباء المتخصصين والمؤهلين للتعامل السريع مع حالة الازمة لأن مريض الطوارئ غالبًا ما تكون مشكلته الرئيسية صراعه مع الزمن وكذلك تحتاج خدمة الطوارئ اجهزة طبية حديثة تساعد على انقاذ طالبيها خاصة ضحايا حوادث الطرق بعد أن سجل أن مصر واحدة من أكثر دول العالم التى يتعرض سكانها لحوادث السير.
وقدم الطلاب أيضا مشروعًا حول قرية بلا رجال فى الصعيد تعيش فيها سيدات فقط من الارامل والمطلقات بأطفالهن ويحظر على الرجال دخول القرية حيث وتتولى سيدة منصب العمدة.
وناقشت مع الطلبة موضوعًا فى غاية الاهمية لارتباطه بالصحة العامة وهو الاخطار المترتبة على الاستخدام غير الآمن لمادة البلاستيك فى حياتنا اليومية وطرح المشروع البدائل المختلفة لمادة البلاستيك ومنها العودة لاستخدام الورق بديلا للبلاستيك الذى يتسبب فى الاصابة بالامراض المسرطنة نتيجة التفاعل بينه والمادة الموضوعة فى الاكياس البلاستيكية خاصة المواد الساخنة.
عموما كانت مناقشات مفيدة لى شخصيا وتتنبأ بأن شباب الإعلاميين ما زالوا بخير وعلى الدرب يسيرون تحدوهم قيم وأخلاقيات مهنة الإعلام ورغبتهم فى الابداع فهم كما ظهر فى المناقشات لم يتأثروا بعد بحالة الانفلات والفوضى المسيطرة على المشهد الاعلامى فهل يمكن أن نعطيهم الفرصة للتعبير عن فكرهم الواعد؟!