رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

هموم مصرية

وهى ليست الصغيرة الموءودة.. التى يدفنها والدها فى التراب «حية» خشية عار يمكن أن تجلبه لأسرتها هذه الصغيرة يوماً. كعادة العرب فى الجاهلية.. وربما هى- هذه المدفونةـ من أسباب الثورات.. أى الجوع والبحث عما يشبع.. وهنا أعتقد أن وجبة «البخية أو البقية» أشهر وجبة شعبية إسبانية هى أشهر وجبة مدفونة فى التاريخ.. وإن وجدنا فى الشرق الأوسط وجبة «المقلوبة» هى ما يشبه حلة المدفونة التى هى حديثنا اليوم.. والسبب ثورة الجياع الحالية فى لبنان..  حتى ولو كان الحلم سيخ شاورمة، أو وجبة كباب وكفتة عند استانبولى بشارع جان دارك المتفرع من شارع الحمراء.. فى بيروت! ترى ما هو سر هذه المدفونة؟!

هى الوجبة الشاملة.. فى حلة واحدة.. على نار واحدة: وابور جاز. أو كانون يشتعل بالحطب على قالبين من الطوب.. أو  حتى على شعلة بوتاجاز واحدة فى بيت فقير ينتظر أطفاله أن ينضج ما فى هذه الحلة على أحر من الجمر.. والسر يبدأ من بحيرات مصر الشمالية: المنزلة، البرلس، إدكو، مريوط بالذات.. أو أن الأسرة كلها تعيش على المركب مسطحة القاع لتنطلق فى مياه بحيرة غير عميقة.. وكل ما تملكه شوية أرز والوابور وشبكة الصيد.. ويمكن كام حبة طماطم وبصلة واحدة.. فالرجل يلقى بشباكه.. بحثاً عن هذا الغموس، بينما الأم «تنقى» الأرز مما به من زلط.. والأطفال ـ قبل الكبار ـ يحلمون بطعامهم.. على الوابور.. أو الكانون.. وبجانب الأم صفيحة المياه التى يجب أن نتعامل معها بكل حذر، فليس عندها إلا هذا القدر البسيط من المياه الحلوة.

وما أن تلتقط الشباك بضع سمكات.. تشكيلة من أى نوع حتى تبدأ الأم إعداد وجبتها.. فالأرز يتم تجهيزه، وترفعه على النار.. ثم تلقى معه بما تم صيده، يعنى وجبة أرز بسمك.. فإذا كانت تملك بضع حبات من طماطم تلقى بها فى هذه الحلة المشتركة ليصبح لون الأرز أحمر ويزيدها نكهة طيبة، وإذا انتهى إعداد كل ذلك جلست الأسرة كلها فى قاع المركب «فلوكة الصيد» لتأكل مما أعطاها الله.. بجوار شوية لفت مخلل.. هكذا دون أطباق، فهذه رفاهية لا تعرفها أسر تأخذ من البحيرة مسكناً ومستقراً.. أما لماذا «حلة واحدة».. السبب ندرة المياه الحلوة وان كان الفم الأول غسل الحلة بماء البحيرة!! من هنا كانت فكرة «المدفونة» أى فكرة الوعاء الواحد.. بلا أى تكاليف أخرى.

وأذا أرسلت لهم السماءـ فى الشبكة الضيقةـ بعضاً من الجمبرى الصغير أو الروبيان كما يطلق عليه أهل الخليج.. أو القريدس كما يسميه أهل لبنان هنا تزداد النعمة.. مجرد تقشير الجمبرى.. ثم دفنه فى الأرز لتتحول الحلة إلى وجبة كاملة من مدفونة الجمبرى.. ويمكن إضافة بعض الكمون أو حبتين طماطم.. مع تحمير بصلة واحدة قبل اضافة الأرز.. وكله فى الحلة الواحدة.. فلا مكان- على المركب- إلا للحلة الواحدة، وهذا هو سر المدفونة.

< وإذا="" كان="" الغنى="" يعرف="" مدفونة="" الحنشان،="" أى="" تعبان="" البحر="" أو="" البحيرة="" طمعاً="" فى="" ليلة="" حمراء..="" والأكثر="" ثراء="" يأكل="" مدفونة="" سمك="" السالمون="" بمبى="" اللحم="" طلباً="" لفوائد="" أو="" ميجا="" 3="" فإن="" الصينى="" يعرف="" مدفونة="" الحشرات-="" أيضاً="" بالأرز="" أو="" الشعرية="" السميكة..="" ويعرفها="" اليابانى="" فى="" مدفونة="" الكالمارى="" أو="" السبيط..="" مع="" صغير="">

ولكننا فى مصر-  نعرف أنواعاً أخرى من المدفونة.. النباتية لمن لا يحب الأسماك، وهى من الخضراوات أو البقوليات.. وكلاهما الأشهر عند من لا يملك ثمن السمك.. أو يخشى شوك السمك. فماذا عن المدفونة بهذه المشهيات وكلها تصنع لنا: الوجبة الكاملة!