هموم مصرية
العداء الإثيوبى المصرى، عداء له تاريخ.. يعود إلى مئات السنين.. وقد وصل إلى حد تفكير إثيوبيا فى تغيير مجرى النيل الأزرق بحيث يصب فى البحر الأحمر شرقاً بدلاً من أن يتجه جنوباً ثم غرباً لينطلق إلى السودان كدولة معبر.. ثم ينطلق شمالاً ليصل إلى مصر، بعد أن يلتحم به نهر عطبرة شمال الخرطوم.. لتصنع الأنهار الثلاثة الأزرق وعطبرة ـ من إثيوبيا ـ والأبيض الذى ينطلق من الهضبة الاستوائية ليصل ـ فى شكله النهائى إلى مصر كدولة مصب.. وقد حاول ملك إثيوبيا منليك هذه المحاولة ولم تقف أمامه إلا سلاسل جبال البحر الأحمر بجبروتها، وظل هذا المشروع فى الذهن الإثيوبى سنوات عديدة.. تماماً كما ظل هاجساً مرعباً فى العقل الباطن.. المصرى..
وهناك أسباب عديدة لحملات محمد على فى السودان. فإذا كان مطاردة فلول المماليك الهاربين من مصر بعد مذبحة القلعة.. وإذا كان الهدف التالى هو الذهب السودانى.. أو كان الهدف تجنيد الشباب السودانى فى الجيش المصرى الجديد.. إلا أن هناك سبباً ظل مخفياً أمام الاستراتيجية المصرية من أيام محمد على باشا.. ذلك هو حماية منابع نهر النيل وبالذات النيل الأبيض الاستوائى لضمان وصول المياه إلى مصر لتغطية مشروعات محمد على الطموحة لزيادة الرقعة الزراعية..
< وفى="" عصر="" حفيده="" الخديو="" اسماعيل="" أخذت="" مصر="" تتوسع="" فى="" البحر="" الأحمر="" ولم="" تكتف="" مصر="" بضم="" زيلع="" وهرر="" وبربرة..="" بل="" وصلت="" إلى="" كل="" اريتريا="" وكل="" الصومال="" الشمالى="" والأوسط..="" وهذا="" أغراه="" بالتوغل="" داخل="" الأرض="" الإثيوبية،="" مستغلا="" فى="" ذلك="" الخلاف="" بين="" بريطانيا="" وملك="" الحبشة="" تيودورس.="" لما="" مات="" خلفه="" واحد="" من="" أقوى="" ملوك="" الحبشة="" أى="" إثيوبيا="" هو="" الملك="" يوحنا..="" وما="" أن="" فكر="" إسماعيل="" فى="" التقدم="" داخل="" إثيوبيا="" حتى="" وجد="" أمامه="" جيشاً="" إثيوبياً="" من="" 30="" ألف="" مقابل="" بينما="" كانت="" الحملة="" المصرية="" عددها="" 3200="" مقاتل.="" وكانت="" بقيادة="" أرندروب="" بك="" الدانماركى،="" وذلك="" عام="" 1875..="" ثم="" حملة="" أخرى="" بقيادة="" منزنجر="" وحملة="" ثالثة="" بقيادة="" راتب="" باشا="" فى="" العام="" التالى="" تضم="" 15="" ألف="" جندى..="" ودفع="" يوحنا="" أمامه="" 40="" ألف="">
< ودارت="" المعارك..="" ورغم="" أن="" معظم="" القوات="" المصرية="" كانت="" تنطلق="" من="" مصوع="" ـ="" عندما="" كانت="" مصرية="" ـ="" إلا="" أن="" خطوط="" امداداتها="" كانت="" طويلة..="" وتعانى="" وكان="" الضعف="" بدأ="" يصيب="" الجيش="">
المهم ان جمال عبدالناصر بعد نحو قرن حاول تلطيف الجو مع إثيوبيا بعلاقة خاصة مع امبراطورها هيلا سلاسى بل سمح للكنيسة المصرية بأن توافق على فصل كنيسة إثيوبيا عن الكنيسة المصرية.. إلا أن نهر النيل ظل هو العقبة الأساسية حتى ان إثيوبيا لم تعترف بكل الاتفاقيات التى سبق توثيقها بحجة انها تمت فى عهد الاستعمار الايطالى، وهذا لب الخلاف.
عباس الطرابيلى