لله والوطن
التحول من «الاقتصاد الريعى» إلى «الاقتصاد الإنتاجى».. يعنى ببساطة أن تعتمد التنمية على الإنتاج الصناعى.. باستخدام الموارد والثروات المحلية.. وفى مقدمتها الثروة البشرية بالطبع.. بدلاً من الاعتماد على الاقتصاد الريعى القائم مثلاً على إنتاج سلعة مثل البترول أو الغاز.. وما يترتب على ذلك من مخاطر تتعلق بالتأثر بتحولات واهتزازات الأسواق العالمية والتفاعلات السياسية.. وبدلاً أيضاً من الدوران داخل دوامة الاقتصاد الريعى الذى يعتمد على «الجباية».. أى التوسع فى فرض الضرائب والرسوم على أى شىء.. وكل شىء.. وانسلاخ الدولة عن أداء دورها الاجتماعى القائم على دعم السلع والخدمات الضرورية لمواطنيها.. ووضع برامج وخطط زمنية «قاسية» لرفع هذا الدعم دون اعتبار حقيقى لتكلفته الاجتماعية الفادحة.
•• وهناك تعارض كبير
بين التحول إلى الاقتصاد الإنتاجى وبين التوسع فى «الجباية».. لأن الجباية لا تصنع نمواً حقيقياً للاقتصاد.. كما أن لها انعكاسات ضارة على زيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات مع تقليص القوى الشرائية لدى الأفراد.
ومن المعلوم نظرياً وعلمياً أن أموال الجباية لا يمكن أن تكون مصدراً أساسياً ودائماً لإيرادات الدولة.. مهما كانت قيمة هذه الأموال.. لأنها ستظل دائماً محدودة بمدى ما يمكن أن يتحمله المواطن من ضغوط مترتبة على التوسع فى تحصيل هذه الأموال.. أضف إلى ذلك التبعات السياسية والاجتماعية والأمنية الناتجة عن شعور الأفراد بعدم الرضا عن هذه السياسات.. التى تتعارض أيضاً مع النصوص الدستورية المتعلقة بهوية النظام الاقتصادى للدولة كاقتصاد حر يرتبط مفهومه نظرياً بـ«قصر تدخل الدولة فى الاقتصاد على التنظيم، بحيث لا يتعدى فرض الضرائب لتمويل ما يلزم لحماية حرية السوق».
•• من أجل ذلك
قلناها.. وسنظل نقولها مراراً وتكراراً: إن مستوى التقدم الاقتصادى للأمم يقاس بتقدمها الصناعى.. فالصناعة هى الركيزة الأولى والطريق الصحيح للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.. وكلما ارتفعت مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى.. وفى توفير فرص العمل.. وفى التصدير.. كان ذلك دليل تقدم وقوة للاقتصاد.
ونحن فى مصر.. لا نستطيع قول إننا نخطو بنجاح فى هذا الطريق.. حتى الآن.. رغم ما نمتلكه من مقومات وقدرات وفرص واعدة لبناء صروح عملاقة فى مجالات عديدة.. كالصناعات الهندسية (الحديد والصلب والسيارات) والإلكترونية والكهربائية.. والأدوية والمواد الغذائية والتبغ والصناعات الكيماوية (الأسمدة والأسمنت) والغزل والنسيج والملابس والجلود.. وغيرها من النشاطات الصناعية التى لو أحسن استغلالها وإدارتها.. وفق استراتيجية قومية تقودها الدولة.. بالمشاركة مع القطاع الخاص الذى يمتلك إمكانيات استثمارية ضخمة معطلة فى دهاليز الروتين والفشل الإدارى والفساد.. لتغير وجه الحياة فى البلاد.
•• الاعتماد على الإنتاج الصناعى فى تمويل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية هو الطريق الصحيح.. هو التحول الذى نريده.. هو نفس الطريق الذى صنعت به ماليزيا ودول «النمور الآسيوية» نهضتها ونموها.. وهو ما نأمل أن تلحق به الدولة المصرية إلى جانب ما تبذله من جهود ضخمة فى مجال مشروعات البنية الأساسية والخدمات.