لله والوطن
لم نستورد من الهند والصين ودول آسيوية أخرى أسوأ من هذا «الوباء الخطير» الذى يسمونه بـ«التوك توك».. وبالمناسبة هذا الاسم العجيب لم يعرف له أحد حتى الآن أصلًا أو فصلًا أو تفسيرًا.. ويقولون إنه ربما يكون عائدًا إلى الصوت الذى يصدره أثناء سيره.. هذا عندهم طبعًا.. أما عندنا فصوته مختلف تمامًا.. هو خليط من القبح والفجاجة والسفالة و«التجعير» الصادر من حناجر «المغنين الوحش» عبر مكبرات الصوت المحمولة داخل هذه الآلة البغيضة التى يقودها حفنة من عتاة الإجرام ومدمنى كل أنواع الموبقات والمخدرات ومغيبات العقل.. جهارًا نهارًا.. وتُرتكب بها أفظع جرائم التحرش والبلطجة وفرض السطوة والسرقة.. والقتل أيضا.. على طريقة محمد رمضان «النمبر وان»!
•• «التوك توك»
أصبح أهم علامات الفوضى والتشوه الأخلاقى والثقافى الذى ضرب قطاعًا عريضًا من المجتمع.. وبشكل خاص خلال السنوات السبع الأخيرة.. سنوات «الفوضى المنظمة» و«التخريب الممنهج» المعروفة كذبًا وتضليلًا باسم سنوات «الربيع الثوري».
وبالرغم من أن الكثير من الدول تعتبر التوك توك مركبة غير مطابقة للمواصفات الأمنية.. بسبب عدم اتزانه وعدم صلابة هيلكه الخارجى وعدم وجود أبواب أو أحزمة أمان مما يعرض الركاب للخطر فى حالة الحوادث.. وترفض هذه الدول ترخيص التوك توك باعتباره «غير صالح للاستخدام الآدمي».. إلا أننا فى مصر قبلناه.. ورضينا به.. وسمحنا باستخدامه.. ولم نقتنع بأضراره.. ربما لأن أصحاب الشركة التى تقوم باستيراده وتجميع أجزائه محليًا «واصلين» أو «شُطَّار حبتين»!
من قبل لم نكن نشعر بفداحة هذا الوباء إلا بالتجول داخل «الشوارع الخلفية» والتجمعات السكانية العشوائية.. حيث تغيب يد القانون وتسود شريعة الغاب و«الصوت العالي» و«البقاء للأكثر إجرامًا».. لكن طفح ماء هذه البرك الآسن.. وطفت جيفتها فوق السطح.. وفاضت وأغرقت الميادين والشوارع والأحياء الرئيسية فى المدن الكبرى وعلى رأسها القاهرة طبعًا.. بل ورأيناه أيضًا على طرق السفر بين المحافظات.. ولا أحد يجرؤ على منع هذه الفوضى.. رغم عشرات القوانين التى صدرت إما لمنع استخدام التوك توك نهائيًا.. أو لتنظيم وتقنين هذا الاستخدام.
•• مؤخرًا
تابعنا الحملات المكثفة التى تشنها أجهزة الأمن ضد سائقى التوكتوك لمنعهم من استخدامه فى شوارع رئيسية بالقاهرة.. وقرأنا عن أن رئيس مدينة 6 اكتوبر أصدر قرارًا بمنع استخدامه فى شوارع المدينة.. لكن هناك أيضًا مدنًا ومحافظات تتعامل بشل مختلف مع هذه المسألة.. حيث يتعبرونه أمرًا واقعًا ويقنون استخدامه وفقًا لتعليمات سابقة صدرت من وزارة التنمية المحلية.. تنص على «تذليل معوقات تراخيص مركبات التوك توك وتحديد خطوط سيرها» بحيث يقتصر سيرها على الطرق التى تربط بين القرى.. ويتم منعها «فى المناطق الحضرية المخططة أو الطرق الرئيسية أو الطرق السريعة أو بين المدن وبعضها البعض».
هذا الإجراء.. بكل بساطة.. لا يمثل غلًا تكرارًا لعشرات القرارات المماثلة السابقة.. التى فشلت جميعها فى القضاء على هذا الوباء.. ربما لأن «المافيا» القائمة على تشغيله أقوى من القانون.. أو لأن القائمين على القانون عاجزون عن إنفاذه.. لضعف أو «لمصلحة».. وحتى الحملات التى تشنها أجهزة الأمن بين حين وآخر.. لملاحقة المخالفين ومصادرة «تكاتكهم».. تحولت إلى وسيلة للجباية و«الارتزاق».. ولا تكاد تمر ساعات على مصادرة التوك توك المخالف.. حتى ترى صاحبه يسير به مرة أخرى فى الشوارع متبجحًا ومتحديًا.. بعد أن يكون قد دفع «المعلوم»!
•• ياسادة
اعلموا أن أى جهود أو قرارات تتخذونها لن تفلح فى تقنين هذه المنظومة التى خُلقت عشوائية.. وستظل عشوائية إلى أن يصدر قرار حاسم وقاطع بمنع استخدام هذه التكاتك منعًا باتًا.. ومصادرتها كلها وإعدامها حرقًا ودفنها فى مقابر جماعية.. وقبل ذلك وقف استيرادها وتصنيعها وتجميعها.. وإلزام الشركة المحتكرة لإنتاجها بوقف وتفكيك خطوط الإنتاج... ولا نرى حلًا آخر غير ذلك.