لله والوطن
تعددت وتباينت الآراء والتفسيرات والتحليلات.. حول أسباب وتداعيات ونتائج تأثيرات قرار البنك المركزى خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 150 نقطة أساس ليصل إلى 14.25 و15.25 و14.75% على الترتيب.. وهو ما تبعه قيام عدد من البنوك بتخفيض أسعار الفائدة بالفعل.
<>
يرون أن هذا القرار جاء فى موعده.. وبعد طول انتظار.. حيث كانت مصر قد اضطرت إلى رفع أسعار الفائدة تنفيذاً لـ «نصائح» صندوق النقد الدولى الذى كان يرى فى هذا الإجراء وسيلة لخفض معدل التضخم.. بينما كنا نرى مع كثيرين من المحللين والمتخصصين أن هذا الإجراء مشكوك فى نجاحه.. وسيفشل فى تحقيق هدفه.. لأنه ببساطة لا يلائم الأسباب التى رفعت معدل التضخم فى مصر.. حيث إنه «عادة ما يتم رفع سعر الفائدة كى يتم تقليص التضخم المدفوع من الطلب وليس التضخم المدفوع من العرض».. وهو عكس حالة مصر التى ارتفع فيها التضخم بسبب «صدمات فى العرض أدت إلى تزايد مستوى الأسعار».. بمعنى أن «التضخم بسبب الطلب» يحدث عندما يكون الناس لديهم سيولة مالية ويتنافسون على شراء كميات قليلة معروضة من المنتجات.. وهنا تلجأ الدولة إلى رفع أسعار الفائدة فى البنوك فيتجه الناس إلى ادخار أموالهم ويقللون نسبيًا من شراء السلع.. وطبعًا نعلم جميعًا أن ذلك ليس هو الحادث فى مصر.. وأن الناس ليست لديهم أموال أصلاً - بعد التعويم - للإقبال على الشراء.. فكيف إذن يمكن توقع أن تعالج زيادة أسعار الفائدة الارتفاع فى معدل التضخم؟!
وهذا ما جعلنا نستنتج أن طلب «الصندوق» من مصر رفع أسعار الفائدة.. كان الهدف الحقيقى منه هو تعظيم عوائد استثمار الأجانب فى أدوات الدين الحكومي.. حيث يستثمرون عشرات المليارات من الجنيهات فى أذون الخزانة.. وتتحمل الدولة دفع فوائد هذه الأذون المرتفعة.
•• أيضاً
يرى المتفائلون فى قرار البنك المركزى الآن خفض أسعار الفائدة بداية للعودة إلى الوضع الطبيعي.. بما ينعكس إيجابيًا الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة ويجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للسوق المحلى.. بالإضافة إلى أن القرار سيعمل على تعزيز حركة الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال.. وفتح شهية المستثمرين لإقامة مشروعات جديدة تحقق لهم عائدًا أكبر من استثمار أموالهم فى أدوات أو محافظ الدخل الثابت.. وكذك يؤدى إلى زيادة المدخرات وإنعاش الاستثمارات فى قطاعات بعينها.. وفى مقدمتها البورصة والاستثمار العقارى والصناعى.
<>
يرون أن هذا التفاؤل مقبول من الناحية النظرية.. لكن الواقع أن القرار قد لا يكون له تأثيرات أو انعكاسات سريعة.. على المدى القصير.. وذلك لأسباب عديدة.. فى مقدمتها أنه على الرغم من خفض الفائدة إلا أنها ما زالت كبيرة وتغرى بالاستثمار.. وبالتالى لن يؤدى هذا الخفض إلى خروج قدر كبير من الأموال خارج خزائن البنوك.. وخاصة من جانب أصحاب الاستثمارات الكبيرة بالملايين.. لأن ما يخسرونه من فرق تخفيض سعر الفائدة يعد قليلًا بالمقارنة بما سيستمرون فى الحصول عليه.. فمن يستثمر 10 ملايين جنيه مثلا كان يحصل على فائدة 160 ألف جنيه بنسبة 16% ستنخفض إلى 145 ألفًا بعد تخفيض سعر الفائدة الى 14.5%.. وكذلك فإن البنوك لن تترك هؤلاء يخرجون بأموالهم بسهولة.. وستلجأ إلى إطلاق أدوات جديدة لجذب مدخرات العملاء.
أضف إلى ذلك أن هناك كثيرين من أصحاب المدخرات يفضلون استثمار أموالهم فى المنتجات المصرفية الأكثر أماناً والأقل مخاطرة.. ولا يميلون إلى المخاطرة بأموالهم فى البورصة.. كما لا يلزمهم تجميد أموالهم فى سوق العقارات المتشبع تماماً بالاستثمارات.. ولم يعد يمثل إلا مخزنًا آمنًا لقيمة الأموال ولا يدر دخلاً ثابتًا.
< ما="">
لا يعنى بالطبع التقليل من أهمية قرار البنك المركزي.. إذ نرى فيه عناصر إيجابية بالفعل.. أولها أنه يعد تصحيحًا لوضع خاطئ أضررنا للالتزام به تحقيقًا لرغبة صندوق النقد.. وثانيها أنه سيعود بفائدة كبيرة على الدولة.. أو الحكومة تحديدًا باعتبارها أكبر مقترض سواء من البنوك المحلية أو من المستثمرين الأجانب (فى هيئة أذون خزانة وشهادات وسندات).. وبالطبع فإن تخفيض الفائدة سيقلل من تكلفة ديون الحكومة.. بما ينعكس إيجابيًا على الموازنة العامة وأعباء خدمة الدين العام.