هموم مصرية
إذ كان سبحانه وتعالى قال فى محكم كتابه الكريم إن الله لطيف بعباده.. فكيف هو سبحانه بمن لبوا نداء أبى الأنبياء إبراهيم الخليل.. فانطلقوا إلى عرفات ملبين مستجيبين لما دعاهم.. وأين؟ فى جبل الرحمة- حيث وقف رسول الله يخطب فى المسلمين فى حجة الوداع.. فهل يتركهم- سبحانه وتعالى وسط حرارة لهيب الشمس وارتفاع الرطوبة، وقد جاءوا بعد أن تركوا كل نعيم الدنيا.. طلباً لرحمة المولى عز وجل.. وهل يتخلى عنهم، أبداً، فالله هو الذى وسعت رحمته كل شىء..
بينما درجات الحرارة- فى يوم الحج الأكبر- يوم عرفة تتجاوز كل ما هو مألوف.. إذا بالسماء.. وبقرار ربانى عظيم تفتح أبوابها.. ويسقط المطر مدراراً.. وليس مجرد زخات بسيطة.. بل على هيئة سيول تنهمر من السماء.. وكأنها جاءت لتغسل النفوس قبل الأجساد، وكأنها تذهب بكل الذنوب.. لكى تتطهر.. وما الوضوء التقليدى إلا لغسل ما انكشف.. فما بالكم بمطر السماء الذى يغسل روح الإنسان، قبل جسده.. فهل أمطار عرفات- ظهر أمس الأول- جاءت لترد على تلبية الواقفين المتضرعين وهم على عرفات.. وعرفة كلها موقف- بأن يعودوا إلى ديارهم متطهرين من كل ذنوب الدنيا.. وما أعظمها من طهارة ربانية فى رفع الذنوب جميعاً. هى إذن طهارة ربانية..
< وأتذكر="" عندما="" كانت="" السلطات="" السعودية-="" فى="" سنوات="" سابقة-="" تقوم="" بتركيب="" رشاشات="" ترش="" مياهاً="" مثلجة="" فوق="" الحجيج="" لتخف="" من="" شدة="" حرارة="" الشمس..="" ولكن="" هذا="" العام="" جاءت="" رحمة="" الله="" لتقول="" لعباده="" الواقفين="" على="" عرفات="" إن="" رحمة="" الله="" قد="" شملتهم="">
ليس ذلك وحده بالمطر الربانى.. بل صحبها رعد وبرق.. فإذا كان الحجيج ينطلقون بالتلبية فإنه سبحانه وتعالى آثر أن يستجيب لدعواتهم، ليعودوا إلى ذويهم كمن ولدتهم أمهاتهم وما صوت البرق والرعد إلا استجابة لدعوات الحجيج وهم فى يوم الحج الأكبر يوم الوقوف بعرفات. ومن المؤكد أن حجيج هذا العام لن ينسوا أبداً موجات هذا المطر.. بل ربما يقومون بتسجيل أعمالهم هذا العام.. بعام المطر يوم عرفة.. تماماً كما كانت العرب قديماً تربط أيامها بمثل هذه الأحداث..
< ولكن="" المعنى="" الربانى="" الأكثر="" بروزاً="" هنا="" هو="" هذه="" الأمطار="" التى="" نزلت="" لا="" لتخفيف="" شدة="" حرارة="" هذا="" اليوم="" ولكن="" لتغسل="" أرواح="" المسلمين="" قبل="" أجسادهم="" التى="" أصابتها="" الذنوب..="" وهذا-="" فى="" رأيى="" هو="" المعنى="" الحقيقى="" الذى="" يقول="" ان="" الحاج-="" بعد="" أداء="" هذه="" الفريضة-="" يعود="" كما="" كان="" يوم="" ولدته="" أمه..="" وما="" هذه="" الأمطار="" الا="" الوسيلة="" الربانية="" التى="" تحقق="" هذه="" الطهارة..="" لم="" لا="" وهى="" هبة="" نزلت="" من="" السماء..="" وبالذات="" على="" الواقفين="" يوم="">
حقاً.. وما أروعه من غسيل ربانى. جاء ليتطهر الجسد تماماً مما ارتكبه من آثام.