رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

في كل مرة أسعد فيها بزيارة دار الاوبرا المصرية، هذا الصرح الثقافي العملاق، تعود بي الذاكرة إلى عدة سنوات خلت، إلى ما قبل توقيع المذكرات الخاصة بالهدية التي ستقدمها الحكومة اليابانية الى جمهورية مصر بمناسبة أول زيارة يقوم بها رئيس مصري الى اليابان. وكانت المحادثات التمهيدية التي سبقت توقيع الاتفاقية قد بلورت الامر في شكل انشاء مركز ثقافي مصري والابتعاد عن ذكر مسمى دار الاوبرا لان اليابان لم يكن لديها دار للاوبرا. وقد تابعت من موقعي كرئيس للمكتب الاعلامي المصري في اليابان انذاك،  كل المحادثات التمهيدية حتى توقيع الاتفاقية الذي تم بمعجزة حيث ان وزير التعاون الدولي المصري المسئول عن هذه الاتفاقية فاجأ الجميع في اليوم الاخير وقبل التوقيع بأنه يفضل استبدال المركز الثقافي بمراكز تدريب مهني. وساد الصمت قبل ان يتساءل رئيس الوزراء الياباني ناكاسوني: ألستم متفقين على كل الامور. وقام سفير مصر في طوكيو عبدالفتاح شبانة رحمه الله بجهد لاقناع الوزير بان الوقت قد فات للقيام بمثل هذا التغيير الجوهري في الاتفاقية. تم التوقيع، واقيمت الاوبرا رئة ثقافية شامخة تحتضن كل اشكال الفنون الراقية على ارض النيل. طافت بذهني هذه الذكريات في زيارتي الاخيرة لدار الاوبرا لحضور حفل للموسيقار المبدع راجح داود مع اوركسترا القاهرة السيمفوني بقيادة المايسترو المتميز ناير ناجي بعنوان احلام غائبة مهداة الي الفنانة ايناس عبدالدايم.

في الكتيب الخاص بالتعريف بالحفل نجد اننا امام فنان يبحث طويلا عن الفكرة التي قد تكون فكرة للتوزيع الاوركسترالي، أو قد تكون لحنًا او تضادا لحنيًا بين فكرة اساسية وفكرة تشتبك معها، أو قد تكون تتابعات موسيقية تعبر عن حالة ما في وجدانه. وبصفة عامة فإن النص الموسيقي عند راجح داود هو نص تجريدي مطلق، يستخدم لغة للمكان والزمان لا حدود لها تعيق حركتها بين الثقافات، وتجعل اللغة الموسيقية لغة عالمية ناقلة للثقافة. ومنذ عودتهما من القارة الاوروبية بعد سنوات الدراسة في الخارج وأثناء زمالتهما بالعمل بالتدريس بكونسرفتوار القاهرة، التقى كل من راجح داود وايناس عبدالدايم على احلام مشتركة خاصة بالارتقاء بحال الموسيقى والموسيقيين والحركة الفنية الموسيقية بشكل عام. ويكتمل ثلاثي الحفل بالمايسترو ناير ناجي الذي تتضمن سابقة أعماله قيادة الاوركسترا في العديد من الاعمال السيمفونية والاوبرا والباليه الشهيرة.

مع بداية الحفل الذي استهلته الفرقة بمقطوعة باسكاليا للعود والاورغن والاوركسترا الوتري، كان عازف العود علاء صابر الي جانب راجح داود عازفا علي الارغن. وتدفقت الالحان هادرة كالشلال الذي غمر المكان وكشف عن موسيقى مختلفة تتميز بمذاقها العالمي مع روح شرقية أصيلة لا تخطئها الاذن. ومع تواتر المقطوعات تبدل العازفون المنفردون من سوزان صابر على الفيولا الى شريف اسحق علي البيانو، ونسمة درويش على الماريمبا وهاني البدري على الناي، جرت حوارات استعرض فيها العازفون المنفردون مهاراتهم في مواجهة الاوركسترا بكل عنفوانها، وهو ما ذكرني بمحاضرات الدكتور حسين فوزي لنا في معهد الاذاعة والتلفزيون حيث كان يشرح لنا كيفية تذوق الموسيقي السيمفونية والتي تبدأ بالتعرف على الالات الموسيقية المختلفة وتمييز الاصوات الصادرة عنها، والتعرف على الجملة الموسيقية الاساسية التي تتكرر بعد ذلك داخل العمل بأشكال مختلفة.

وتنساب موسيقى راجح داود بين جنبات القاعة الرئيسية بدار الاوبرا حتى وصلنا إلى مسك الختام حيث كتبت سيدة آلة الفلوت ايناس عبد الدايم خاتمة حوارات الامسية الموسيقية بإبداع مشهود فكان خير ختام.