لله والوطن
يقولون إنه لا حل عسكرياً فى ليبيا.. ونرى أن هذه مغالطة كبرى.. ونوع من التلويح بجزرة الحل السلمى المستحيل الذى لن تصل إليه أى من الأطراف التى تلهث سيراً خلفه.
<>
أولاً: لأن أحد أطراف هذا الحل السياسى هو فايز السراج رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق.. ذلك الذى يتمرغ فى أحضان تنظيم الإخوان الإرهابى الدولى.. يستقوى به.. وينعم بأمواله المتدفقة إليه من أنقرة والدوحة.. ويرتدى مسوح السلمية والديمقراطية والحكم المدنى.. بينما هو ليس إلا محاولة لاستنساخ تجربة محمد مرسى الفاشلة من جديد.. لكنها هذه المرة على الأراضى الليبية.. أو قل هى «الخطة B البديلة» للتنظيم الإرهابى لإحياء خرافة دولة خلافته المزعومة بعد أن فشل فى إعلانها من القاهرة وأجهضتها ثورة 30 يونيه.
هذا ما أكدته سقطة السراج نفسه.. الذى خرج إلى الليبيين مساء أمس الأول بكلمة متلفزة تعقيباً على العمليات العسكرية التى يقوم بها الجيش الوطنى اللليبى بقيادة المشير حفتر.. لتحرير طرابلس وكامل أراضى غرب ليبيا من فلول الإرهاب والإخوان المسلمين.. إذ وجه السراج كلمته هذه من فوق منبر حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان الإرهابى فى ليبيا.. متوعداً الجيش الليبى بحرب «لا رابح فيها» وفقاً لتعبيره.. وليكشف بذلك عن حقيقة تبعيته للتنظيم.. تلك التى حاول التنصل منها مراراً وتكراراً زاعماً أنه لا يمثل تنظيم إسلام سياسى، ولكنه يمثل القوى المدنية الليبية.. مع أن حكومة الوفاق التى يترأسها يمثل فيها الوزراء المنتمون إلى الإخوان المسلمين نسبة تقدر بنحو 80%.. وفقاً لصحفيين ليبيين.. بخلاف حركة «أخونة» المناصب القيادية والعليا فى الدولة التى يمارسها بشكل ممنهج وملحوظ.
<>
ليس خافياً أن كل الحلول السياسية التى تم طرحها من قبل طوال سنوات الأزمة الليبية التى دخلت عامها التاسع.. قد فشلت وتحطمت فوق صخور تدخلات الأطراف الخارجية الداعمة مادياً ولوجستياً وعسكرياً للفصائل والميليشيات المسلحة المتقاتلة.. ليس حباً فى هذه الفصائل أو إيماناً بها.. ولكن سعياً لتحقيق أهداف وأطماع ومصالح اقتصادية وسياسية واستراتيجية معقدة الحسابات.. من بين هذه الأطراف الخارجية من يرى فى ليبيا «ظهيراً» له على القارة السمراء منذ عصور الاستعمار.. ومن يرى فيها أيضاً حقوقاً تاريخية تسيل لعابه من أجل اغتنام أموالها.. وتقاسم كعكة ثرواتها.. وليس لدى كل من هذه الأطراف هدف سوى حماية مناطق نفوذه وصراعه.. حتى لو احترقت كل الأراضى الليبية.. وأبيد الشعب الليبى كله.
وبالمناسبة.. يمكن فى هذا الإطار فهم التحول الواضح الذى ظهر مؤخراً فى السياسة الفرنسية تجاه مصر.. خصوصاً ما حدث من الرئيس ماكرون خلال المؤتمر الصحفى الذى جمعه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخراً فى القاهرة.. ومحاولة إثارة الأكاذيب والافتراءات حول ملف أوضاع الحريات وحقوق الإنسان فى مصر.. على سبيل المكايدة للقيادة المصرية التى تجهض أحلام الدولة الفرنسية فى صراعها مع الإيطاليين على «الكعكة الليبية».. ويمكن أيضاً فهم الرسالة التى وجهها الرئيس السيسى إلى ماكرون.. عندما سأله: «ماذا فعلتم للشعب الليبى؟.. وماذا كنتم ستفعلون للمصريين لو أصابهم ما أصاب الليبيين».. ؟.
<>
إن هناك أطرافاً خارجية كثيرة تدخل فى معادلة الحل السياسى للأزمة الليبية وتجعله مستحيلاً.. بدليل أن هناك تجارب اتفاقيات ومفاوضات سابقة شاركت فيها العديد من هذه الأطراف.. وتحت رعاية دولية.. كاتفاق الصخيرات مثلاً.. ولم تفضِ مثل هذه الاتفاقيات إلى حلول حقيقية.
هذه الأطراف لا بد من أن ترفع أيديها تماماً إذا أردنا الحديث عن حل سياسى للأزمة الليبية.. ولن يحدث ذلك إلا بانتهاء الصراعات الداخلية التى تغذى الأطماع السياسية والعسكرية والاقتصادية لهذه الدول.. وإلى أن يحدث ذلك سيظل الحسم العسكرى هو الحل الأقرب والأجدى والأكثر واقعية.