لله والوطن
أخطر ما حدث فيما جرى من «هري» و«زياط» على صفحات «التمزيق الاجتماعي» بالأمس.. ومن نهش وانتهاك بلا رحمة لسيرة وزير التنمية المحلية الأسبق اللواء عادل لبيب.. وزعم أنه تم القبض عليه بواسطة الرقابة الإدارية فى «قضية فساد كبرى».. أخطر ما فى ذلك هو أن هناك مواقع إخبارية انقادت للأسف وراء هذا «الهرى والفري».. وتناقلت الشائعات باعتبارها معلومات منقولة عن «السوشيال ميديا».. وظنت هذه المواقع بأنها قد أخلت مسئوليتها القانونية ونسبت المعلومات الى مصدرها.. و«غسلت أيديها» من دماء الرجل التى أسيلت فوق أسفلت الطريق العام..!!
•• هذه إشكالية كبرى
إشكالية أن بعض وسائل الإعلام تعتبر ما يفترض أنه «وسائط للتواصل الاجتماعي» مصدرًا للأخبار.. وهو خطأ مهنى كبير.. يضاف الى أخطاء أخرى كثيرة أصبحت ـ للأسف ـ تشوه المشهد الإعلامى بشكل عام.
هى دليل على عدم وعي.. أو تجاهل متعمد.. لحدود المسئولية القانونية والأخلاقية فيما يتعلق بالنشر.. وأيضا لأبجديات الأصول المهنية التى تأتى فى مقدمتها الدقة والمصداقية والموضوعية والموثوقية وغيرها مما يدرس فى أدبيات العمل الإعلامى والصحفي.. وهذه ظاهرة مستجدة على المهنة فى مصر.. فى ظل «حالة السيولة» التى أحدثتها «النيو ميديا» أو وسائل الإعلام الحديثة التى تتطور بشكل سريع.. بينما لا يتزامن مع ذلك تطور مواز للنظم والقوانين والتشريعات الحاكمة للعمل.. وأيضا فى ظل «حالة الفوضى الخاصة» التى تسيطر على المشهد الإعلامى بعد يناير 2011 وحتى الآن.. وخاصة بعد قرار إلغاء وزارة الإعلام الذى مازلنا نرى أنه كان خاطئًا.
•• من أجل ذلك
نبهنا مرارًا وتكرارًا لما آل إليه حال بعض ـ وليس كل ـ شباب الوطن.. خلال السنوات الخمس الماضية.. وخطر وفداحة وهول ما حدث لنفوسهم من تخريب.. ولعقولهم من تجريف.. ولضمائرهم وهوياتهم من تغييب.. حتى ضمرت لديهم فضيلة حب الوطن والولاء له والإحساس بالانتماء إليه.. لتعلو عليها رذيلة الكره والحقد والسب واللعان.. فلا يرون أى شىء.. وكل شىء.. الا بمنظور السواد والشك والرفض.. وبمنتهى الرعونة والجهل والحماقة والتهور والسفه والنزق.. دون حكمة أو عقل أو تدبر أو روية.
فتراهم أسرى للشائعات والافتراءات والضلالات.. وما أكثرها الآن.. التى تأتى من الداخل والخارج.. فيتلقونها مرحبين مهللين.. يرددونها ويتداولونها.. وينسجون حولها الروايات والأباطيل.. عبر شبكات «التمزق والتفسخ» المسماة زورا وبهتانا بـ «التواصل الاجتماعي».. وما يزيد الطين بلة أن تنقاد وسائل الإعلام وراء هذه الشبكات.
•• الغريب
ان هناك من يرون.. وبينهم صحفيون وإعلاميون كبار.. أن تداول الشائعات حول الفساد والفاسدين حتى لو كانت كاذبة هو جزء من تحقيق الردع المطلوب.. وأن واجب جهات الاختصاص الرقابى يكون بعد ذلك هو نفى أو تأكيد هذه الشائعات.
ونرى من جانبنا أن هذا «منطق مقلوب» وشاذ.. فالأصل هو أن «البينة على من ادعى».. هذه قاعدة قانونية.. فمن يوجه الاتهام هو من يقع عليه عبء الإثبات.. وليس العكس.. وإلا انقلب الحال الى فوضى عارمة.. وضاعت المسئولية.. وانعدمت المحاسبة.
•• هنا.. تأتى أهمية قانون الإعلام الجديد.. وما يتضمنه من قواعد وإجراءات لتنظيم عملية النشر فى وسائل الإعلام الالكتروني.. بما فى ذلك مواقع التواصل الإعلامي.. وإن كنا نتحفظ على بعض مواد هذا القانون على النحو الذى أوضحناه فى مقالات سابقة.